تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[15 - 10 - 07, 10:04 م]ـ

ولعل في هذا النقل من كتاب غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب مطلب توبة المرابي والمبتدع لعل فيه كفايتك وغايتك سلمك الله

[ص: 581] مطلب: في توبة المرابي والمبتدع.

(تنبيهات):

(الأول): توبة المرابي بأخذ رأس ماله وبرد ربحه إن أخذه.

وتوبة المبتدع أن يعترف بأن ما عليه بدعة. قال في الشرح: فأما البدعة فالتوبة منها بالاعتراف بها , والرجوع عنها , واعتقاد ضد ما كان يعتقد منها.

وفي الرعاية: من كفر ببدعة قبلت توبته على الأصح , قيل إن اعترف بها وإلا فلا. قال الإمام أحمد في رواية المروذي في الرجل يشهد عليه بالبدعة فيجحد: ليست له توبة إنما التوبة لمن اعترف فأما من جحد فلا توبة له.

وفي إرشاد ابن عقيل الرجل إذا دعا إلى بدعة ثم ندم على ما كان , وقد ضل به خلق كثير وتفرقوا في البلاد وماتوا فإن توبته صحيحة إذا وجدت الشرائط , ويجوز أن يغفر الله له ويقبل توبته ويسقط ذنب من ضل به بأن يرحمه ويرحمهم , وبه قال أكثر العلماء خلافا لبعض أصحاب الإمام أحمد وهو أبو إسحاق بن شاقلا , وهو مذهب الربيع بن نافع , وأنها لا تقبل , ثم احتج بالأثر الإسرائيلي الذي فيه " فكيف من أضللت " وبحديث {من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة} وبما روى أبو حفص العكبري عن أنس مرفوعا , {إن الله عز وجل احتجب التوبة عن كل صاحب بدعة}.

واختار شيخ الإسلام روح الله روحه صحة التوبة من كل ذنب كما دل عليه القرآن والحديث وصوبه , وقال إنه قول جماهير أهل العلم وغلط من استثنى بعض الذنوب , كقول بعضهم بعدم قبول توبة الداعية باطنا , واحتج بأن الله تعالى قد بين في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنه يتوب على أئمة الكفر الذين هم أعظم من أئمة البدع. انتهى.

وقال ابن عقيل: التوبة من سائر الذنوب مقبولة , خلافا لإحدى الروايتين عن أحمد لا تقبل توبة القاتل ولا الزنديق ثم بحث المسألة وقال: الزنديق إذا أظهر لنا هذا يجب أن نحكم بإيمانه بالظاهر وإن جاز أن يكون عند الله عز وجل كافرا ; لأن الزندقة نوع كفر , فجاز أن تحبط بالتوبة كسائر الكفر من التوثن , والتمجس , والتهود , والتنصر , وكمن تظاهر بالصلاح إذا أتى معصية وتاب منها. قال وليس الواجب علينا معرفة الباطن جملة وإنما المأخوذ علينا حكم الظاهر , فإذا بان في الظاهر حسن طريقته [ص: 582] وتوبته وجب قبولها ولم يجز ردها لما بينا , وأن جميع الأحكام تتعلق بها.

قال: ولم أجد لهم شبهة أوردها إلا أنهم حكوا عن علي رضي الله عنه أنه قتل زنديقا ولا أمنع من ذلك , فإن الإمام إذا رأى قتله لكونه ساعيا في الأرض بالفساد ساغ له ذلك , فأما أن يكون توبته لم تقبل فلا بدلالة أن قطاع الطريق لا يسقط الحد عنهم بالتوبة بعد القدرة عليهم , ويحكم بصحتها عند الله عز وجل في غير إسقاط الحد عنهم , فليس حيث لم يسقط القتل لا تصح التوبة. قال: ولعل الإمام أحمد رضي الله عنه عنى بقوله لا تقبل في إسقاط القتل , فيكون ما قبله هو مذهبه رواية واحدة. انتهى.

والذي جزم به المتأخرون كالإقناع والمنتهى والغاية وغيرها عدم قبول توبة زنديق في الدنيا , يعني بحسب الظاهر وهو المنافق , يعني من يظهر الإسلام ويخفي الكفر , ولا من تكررت ردته. واستوجه في الغاية أن أقله ثلاث مرات كعادة حائض , وكالحلولية والإباحية , ومن يفضل متبوعه على النبي صلى الله عليه وسلم أو أنه إذا حصلت له المعرفة والتحقيق سقط عنه التكليف , أو أن العارف المحقق يجوز له التدين بدين اليهود والنصارى وأمثال هؤلاء , ولا من سب الله ورسوله أو ملكا صريحا أو تنقصه , ولا لساحر الذي يكفر بسحره , ويقتلون بكل حال وأما في الآخرة فمن صدق منهم في توبته قبلت باطنا , ومن أظهر الخير وأبطن الفسق فكالزنديق في توبته , وعللوه بأنه لم يوجد بالتوبة سوى ما يظهره.

وظاهر كلام غير ابن عقيل تقبل. قال في الفروع: وهو أولى في الكل لقوله تعالى في المنافقين {إلا الذين تابوا} وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير , وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار الخلال فيمن تكررت ردته والساحر والزنديق قال في الإنصاف: وهو آخر قولي الإمام أحمد واختيار القاضي. انتهى.

وقال القاضي: سئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم {أن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة} وحجر التوبة أيش معناه؟ قال أحمد: لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الآية {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا [ص: 583] لست منهم في شيء} فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل أهل البدع والأهواء ليست لهم توبة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: لأن اعتقاده كذلك يدعوه إلى أن لا ينظر نظرا تاما إلى دليل خلافه فلا يعرف الحق , ولهذا قال السلف: إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية وقال أبو أيوب السجستاني وغيره: إن المبتدع لا يرجع.

وقال أيضا: التوبة من الاعتقاد الذي كثر ملازمة صاحبه له ومعرفته بحججه يحتاج إلى ما يقابل ذلك من المعرفة والعلم والأدلة. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم {اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شبابهم} قال الإمام أحمد وغيره: لأن الشيخ قد سعى في الكفر فإسلامه بعيد بخلاف الشاب فإن قلبه لين فهو قريب إلى الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير