تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن ثم أطلق غير واحدٍ، ممن لم يلاحظ مواضع استعماله، على كثيرٍ من المحدثين أنهم لا يغايرون بين المرسل والمنقطع. وليس كذلك، لما حررناه)) (3).

فالحافظ ـ بدءاً ـ يعترف بأن المغايرة بين (المرسل) و (المنقطع)، ليس إجماعاً من المحدثين، وإنما ذلك ـ بزعمه ـ عند أكثر المحدثين. فربما قابلهم كثيرون لا يغايرون، أو قليلون ‍ إذن فحصره المصطلح في أحد معانيه عند بعضهم دون بعضٍ تحكم لا دليل ولا مسوغ له، والواجب علي فهم أن في الاصطلاح اختلافاً في مدلوله بين المحدثين، حتى يمكنني تنزيل كلامهم منزلته وفهمه على وجهه.

وأحسب أن الحافظ أراد بنقده (لمن لم يلاحظ مواضع الاستعمال) ـ كما قال ـ الخطيب البغدادي، حيث قال في (الكفاية): ((أما (المرسل): فهو ما انقطع إسناده، بأن يكون في رواته من لم يسمعه ممن فوقه: إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال:

ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم)) (4).

وكلام الخطيب هذا هو الصواب في تعريف (المرسل)، وهو من بديع كلام الخطيب في شرح مصطلح الحديث.

والتدلي على صوابه يكون بالرد على الحافظ ابن حجر!

فالحافظ يزعم أن المغايرة بين (المرسل) و (المنقطع) تظهر في الاسم، دون الفعل المسشتق، كما سبق نقل كلامه.

فأين الحافظ في زعمه هذا عن (المراسيل) لأبي داود؟!

وفيه من رواية التابعي عمن لم يدركه من الصحابة روايات عدة (5). فهي عند الحافظ من (المنقطع) دون (المرسل)، مع ذلك ذكرها أبو داود في (المراسيل)، و (المراسيل) اسم لا فعل!!

كلا .. لا (أين)! فالحافظ كان عالماً برأي أبي داود هذا (6)!! لكن يبدو أنه ألغاه من الاعتبار في شرح المصطلح، لأنه من الكثيرين الذي خالفوا الأكثرين!!!

أم كيف غاب عن الحافظ (المراسيل) لا بن أبي حاتم، وجله في الانقطاع قبل الصحابي؟!!! وفيه أقوال بالغة الكثرة لأئمة كثيرين من أهل الحديث، يعبرون فيها عن عدم سماع راوٍ

من راوٍ بأنه (مرسل)، كذا بالصيغة الاسمية!!

ثم أخيراً: أين (جامع التحصيل في أحكام المراسيل) للعلائي عن الحافظ؟! وهو على نمط سابقه!!

وهذا كله في إطلاق (المرسل) بالصيغة الاسمية على (المنقطع) عند الحافظ، فماذا يقول؟!!

وأما إطلاق (المنقطع) على (المرسل)، فوارد في صريح كلام الإمام الشافعي في (الرسالة)، حيث قال: ((المنقطع مختلف: فمن شاهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فحدث حديثاً منقطعاً عن النبي= اعتبر عليه بأمور ... )) (1).

هذا هو الكلام الذي نقل عن الحاكم، وفهم منه أن الحاكم يحصر مصطلح (المرسل) في الصورة التي ذكرها، وهي رواية التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم. بل ظاهر كلام الحاكم، أن الإجماع منعقد على ذلك.

لكن سبب الخطأ في فهم كلام الحاكم على ذلك أنه حذف منه أوله! حيث ابتدأ الحاكم هذا النوع بقوله: ((النوع الثامن من هذا العلم: معرفة المراسيل المختلف في الاحتجاج بها ... )) (2).

فالحاكم إذن لا يتكلم عن (المرسل) بإطلاق، إنما يتكلم عن (المرسل) الذي وقع الاختلاف في الاحتجاج به.

هذا ظاهر كلام الحاكم، وصريح عبارته!!

ثم يؤده إطلاق الحاكم في غير موطن من كتبه لفظ (المرسل) واشتقاقاته على غير ما حصر فيه. وذلك في مثل قوله عن حديثٍ للحسن البصري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((إسناد صحيح الرواة، مرسل عن علي)) (3)، وكقوله أيضاً على حديث آخر للحسن عن عائشة رضي الله عنها: ((هذا حديث صحيح إسناده، لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة)) (4).

ونحو الحاكم في هذه المسألة الحافظ ابن عبد البر، وكلامه عن (المرسل) في كتابه (التمهيد) (5)!!

وأكتفي بهذه الإشارة والدلالة، عن التطويل في الإيضاح والبيان.

وننتقل عن هذه المسألة إلى دليل آخر على تبني الحاغفظ لـ (فكرة تطوير المصطلحات).

ففي تعريف الحافظ لـ (العلة) في اللاصطلاح تغير لمدل المصطلح عند أهله، كما سبق بيانه فيما تقدم من هذا الباب (6).

ثم نقف عند مصطلحي (المنكر) و (الشاذ)، وما يقابلهما (المعروف) و (المحفوظ).

أما (المنكر) و (الشاذ)، فقد فرق بينهما الحافظ، وقصر مدلوليهما وقده بوقوع مخالفة، فإن كانت مخالفة مقبول فهو (الشاذ)، وإن كان ضعيفاً فهو (المنكر) (7)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير