تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الإسناد صالح غريب - كما قال الذهبي عقبه -، إلا أن فيه رواية عمران بن مسلم مباشرةً عن سالم بن عبد الله، ويظهر أن في الإسناد سقطًا، والمعروف - من الروايات الأخرى وكلام الأئمة - أن شيخ عمران بن مسلم في هذه الطريق (سالم عن أبيه عن جده) = إنما هو عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، فلعله سقط من إسناده ذكرُهُ.

- فإن صح إثباته؛ فهذه الرواية تقضي على رواية الطائفي، فإسنادها صالح مقبول إلى أبي الأشهب، وهو جعفر بن حيان. وقد تُكُلّم في سماع سليمان بن المعافى من أبيه، وأن روايته عنه وجادة. إلا أنه صرح بالسماع هنا بصيغة (حدثنا)، وهذه الصيغة لا تقال في مثل الوجادة. ومثل هذه القضايا غير مؤثرة كثيرًا عند المحدثين المتأخرين؛ لأن رواية الكتب منتشرة عندهم.

وعلى هذا يكون يحيى بن سليم الطائفي خالف أبا الأشهب جعفر بن حيان عن عمران بن مسلم، وأبو الأشهب أوثق من الطائفي بمراحل.

- وإن لم يصح إثبات عمرو بن دينار في الإسناد؛ فيظهر أن رواية عمران بن مسلم عن سالم بن عبد الله منقطعة، فإنه روى عنه بواسطة في غير هذا الإسناد، ولم يُذكر سالم في شيوخه، ولا هو ذُكر في تلامذة سالم، ولم يصرّح بالتحديث في روايته عنه.

وقد يكون - على هذا الاحتمال - أسقَطَ عمرَو بن دينار قهرمان آل الزبير بعضُ رواة هذا الإسناد ممن دون عمران بن مسلم.

ولا يمكن اعتبار عمران بن مسلم متابعًا لقهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله؛ لما سبق، ولأنه يلزم - على تقوية رواية يحيى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم، وهذا قول المؤلف - أن تكون رواية عمران مضطربة، فرواه أبو الأشهب مرةً عنه بإسقاط عمرو بن دينار، ورواه يحيى بن سليم عنه أخرى بذكره، أو أنه دلّس في روايته، فأسقط شيخَهُ المتروكَ مرةً، وأثبته أخرى.

وما سبق من أن رواية عمران عن سالم فيها شبهة انقطاع، وأن الواسطة فيها: عمرو بن دينار= أقوى.

المرتبة الثانية: أنّ كون الطائفي يروي عن عمران فحسب كافٍ في بيان النكارة وشدة الضعف، والعجيب أن المؤلف نقل أقوال ابن حبان - وهو ممن سوى بين عمران بن مسلم وعمران القصير، وهذا ترجيح المؤلف - في أن رواية يحيى بن سليم الطائفي عن عمران منكرة، ثم لم يلتفت لذلك.

قال ابن حبان (في المجروحين: 2/ 104، 105): "عمران بن مسلم القصير المنقري، كنيته أبو بكر، من أهل البصرة. يروي عن عبد الله بن دينار والحسن. روى عنه البصريون والغرباء. فأما رواية أهل بلده عنه؛ فمستقيمة تشبه حديث الأثبات، وأما ما رواه عنه الغرباء مثل سويد بن عبد العزيز ويحيى بن سليم وذويهما؛ ففيه مناكير كثيرة. فلست أدري أكان يدخل عليه فيجيب؟ أم تغير حتى حمل عنه هذه المناكير؟

على أن يحيى بن سليم وسويد بن عبد العزيز جميعًا يُكثِرَان الوهم والخطأ عليه".

وقال (في الثقات: 7/ 242): "عمران بن مسلم القصير المنقري، من أهل البصرة، كنيته أبو بكر. يروي عن أبى رجاء العطاردي وعطاء. روى عنه شعبة والبصريون. وهو الذي روى عنه يحيى بن سليم، إلا أن في رواية يحيى بن سليم عنه بعض المناكير".

وقال (في مشاهير علماء الأمصار، ص154): "عمران القصير، وهو عمران بن مسلم المنقري، أبو بكر. من المتقنين، ليس في أحاديثه التي رواها بالبصرة إلا ما في أحاديث الناس. ما حدث بمكة فيها مناكير كثيرة، كأنه يحدثهم بها من حفظه، فكان يهم في الشيء بعد الشيء، سماع يحيى بن سليم وسويد بن عبد العزيز عنه كان بمكة".

وكل هذا يدلّك على أن رواية يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم فيها مناكير كثيرة، وهذا الصنف من الروايات لا يصحح ولا يستشهد به، بل هذه رواية منكرة، أنكرها غير واحد من الأئمة، وهذا دالٌّ على سقوطها ووهائها.

وكان الدارقطني أعلّه أولاً بوهم يحيى بن سليم، ثم ذكر من خالفه، وهذا يشعر بأن العلة باقية حتى لو لم تصح المخالفة، قال (في العلل: 12/ 386): "يرويه عمران بن مسلم القصير، واختلف عنه، فرواه يحيى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. ووهم فيه، وكان كثير الوهم في الأسانيد. وخالفه بكير بن شهاب الدامغاني ويوسف بن عطية الصفار ... ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير