تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحدهما من رواية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم العسقلاني بسنده عن الزهري عن أنس مرفوعا به , رواه ابن عبد البر , و يعقوب هذا قال الذهبي: كذاب , ثم ذكر أنه روى بإسناد صحيح , من حفظ على أمتي أربعين حديثا و هذا باطل.

و الآخر: من طريق أحمد بن عبد الله الجويباري بسنده عن أبي هريرة مرفوعا , الشطر الأول منه فقط , قال السيوطي: و الجويباري وضاع.

قلت: فتبين أن تعقبه لابن الجوزي ليس بشيء!

و قال في " التعقبات على الموضوعات " (ص 4): " أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " من طريق أبي عاتكة و قال: متن مشهور و إسناد ضعيف , و أبو عاتكة من رجال الترمذي و لم يجرح بكذب و لا تهمة , و قد وجدت له متابعا عن أنس , أخرجه أبو يعلى و ابن عبد البر في " العلم " من طريق كثير بن شنظير عن ابن سيرين عن أنس , و أخرجه ابن عبد البر أيضا من طريق عبيد ابن محمد الفريابي عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس.

و نصفه الثاني , أخرجه ابن ماجه , و له طريق كثيرة عن أنس يصل مجموعها إلى مرتبة الحسن , قاله الحافظ المزي , و أورده البيهقي في " الشعب " من أربع طرق عن أنس , و من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.

و لنا عليه تعقبات:

أولا: لينظر فيما نقله عن البيهقي هل يعني النصف الأول من الحديث أعني " اطلبوا العلم و لو بالصين " أم النصف الثاني فإن هذا هو المشهور و فيه أورد السخاوي قول البيهقي المذكور لا في النصف الأول و عليه يدل كلامه في " المدخل " (242 ـ 243) ثم تأكدت من ذلك بعد طبع " الشعب " (2/ 254 ـ 255).

ثانيا: قوله: إن أبا عاتكة لم يجرح بكذب يخالف ما سبق عن السليماني , بل و عن النسائي إذ قال " ليس بثقة " لأنه يتضمن تجريحه بذلك كما لا يخفى.

ثالثا: رجعت إلى رواية كثير بن شنظير هذه في " جامع ابن عبد البر " (ص 9) فلم أجد فيها النصف الأول من الحديث , و إنما هي بالنصف الثاني فقط مثل رواية ابن ماجه , و أظن أن رواية أبي يعلى مثلها ليس فيها النصف الأول , إذ لو كان كما ذكر السيوطي لأوردها الهيثمي في " المجمع " و لم يفعل.

رابعا: رواية الزهري عن أنس عند ابن عبد البر فيها عبيد بن محمد الفريابي و لم أعرفه , و قد أشار إلى جهالته السيوطي بنقله السند مبتدءا به , و لكنه أوهم بذلك أن الطريق إليه سالم , و ليس كذلك بل فيه ذاك الكذاب كما سبق!

ثم وجدت ترجمة الفريابي هذا عند ابن أبي حاتم (2/ 2 / 335) بسماع أبيه منه.

و ذكره ابن حبان في " الثقات " (8/ 406) و قال: مستقيم الحديث فالآفة من يعقوب.

خامسا: قوله: و له طرق كثيرة ... يعني بذلك النصف الثاني من الحديث كما هو ظاهر من كلامه , و قد فهم منه المناوي أنه عنى الحديث كله! فقد قال في شرحه إياه بعد أن نقل إبطال ابن حبان إياه و حكم ابن الجوزي بوضعه:

و نوزع بقول المزي: له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن: و يقول الذهبي في " تلخيص الواهيات ": روى من عدة طرق واهية و بعضها صالح.

و هذا وهم من المناوي رحمه الله فإنما عنى المزي رحمه الله النصف الثاني كما هو ظاهر كلام السيوطي المتقدم , و هو الذي عناه الذهبي فيما نقله المناوي عن " التلخيص " , لا شك في ذلك و لا ريب.

و خلاصة القول: إن هذا الحديث بشطره الأول , الحق فيه ما قاله ابن حبان و ابن الجوزي , إذ ليس له طريق يصلح للاعتضاد به.

و أما الشطر الثاني فيحتمل أن يرتقي إلى درجة الحسن كما قال المزي , فإن له طرقا كثيرة جدا عن أنس , و قد جمعت أنا منها حتى الآن ثمانية طرق , و روى عن جماعة من الصحابة غير أنس منهم ابن عمر و أبو سعيد و ابن عباس و ابن مسعود و علي , و أنا في صدد جمع بقية طرقه لدراستها و النظر فيها حتى أتمكن من الحكم عليه بما يستحق من صحة أو حسن أو ضعف.

ثم درستها و أوصلتها إلى نحو العشرين في " تخريج مشكلة الفقر " (48 ـ 62) و جزمت بحسنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير