وقال أيضا (5/ 177): وهذا الحديث في الجملة معضل عن الأعمش، ويروي عن أبي معاوية عن الأعمش، ويرويه عن أبي معاوية أبو الصلت الهروي، وقد سرقه من أبي الصلت جماعة ضعفاء.
وقال الدارقطني في تعليقاته على المجروحين (179): قيل إن أبا الصلت وضعه على أبي معاوية، وسرقه منه جماعة فحدثوا به عن أبي معاوية .. ثم سرد جماعة.
وأشار أبونعيم لنكارته بقوله عن أبي الصلت في الضعفاء (140): يروي عن حماد بن زيد وأبي معاوية وعباد بن العوام وغيرهم أحاديث منكرة.
وقال ابن عساكر في تاريخه (42/ 380) بعد أن سرد عدة طرق للحديث: كل هذه الروايات غير محفوظة، وهذا الحديث يُعرف بأبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي.
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ (4/ 1231 - 1232): هذا الحديث غير صحيح، وأبو الصلت هو عبد السلام متهم.
وقال ابن كثير في جامع المسانيد والسنن (مسند ابن عباس رقم 1940): عبد السلام بن صالح الهروي، وهو متروك. (وعنده تصحيف، ولعل الصواب ما أثبت).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 114): فيه عبد السلام بن صالح الهروي، وهو ضعيف.
فهذا مما فيه النص على رواية أبي الصلت، وتأتي أقوال جملة من الحفاظ حكموا أن الحديث برمّته لا أصل له، كما يأتي مزيد إعلال لمخرج الحديث قريباً.
• إلا أن ابن معين نُقل عنه ما يفيد تمشية هذه الطريق، أو تليين القول في الحديث، على اضطراب واضح في النقول عنه، بل في بعضها تضاد، نسوقها جميعاً في هذا الموضع ثم نناقشها:
فقال ابن معين في رواية عن الدوري عنه: ثقة. هكذا روى الحاكم المستدرك (3/ 126 - 127)، بينما جاءت في رواية الخطيب (11/ 50 ومن طريقه ابن عساكر 42/ 381) من طريق الدوري أيضاً: سمعت يحيى بن معين يوثق أبا الصلت. ولم أجد ذلك في تاريخ الدوري المطبوع.
وقال ابن معين في رواية صالح بن محمد: صدوق. على ما جاء في المستدرك (1/ 127)، وجاءت العبارة عند الخطيب (11/ 50): رأيت يحيى بن معين يُحسن القول فيه.
وقال في رواية عبدالخالق بن منصور: ما أعرفه. رواها الخطيب (11/ 49).
وقال في رواية ابن الجنيد (ضمن سؤالاته 387 و497 ومن طريقه الخطيب 11/ 48 - 49): قد سمع، وما أعرفه بالكذب. وقال أيضا: لم يكن أبوالصلت عندنا من أهل الكذب، وهذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها.
وقال في رواية ابن محرز (1/ 79 ومن طريقه ابن عساكر 42/ 382): ليس ممن يكذب.
وقال في رواية حاتم بن يونس الجرجاني الحافظ (كما في السير 11/ 448): صدوق أحمق.
وقال في رواية عمر بن الحسن بن علي بن مالك عن أبيه عنه: ثقة صدوق إلا أنه يتشيع. رواها الخطيب (11/ 48) وعمر وأبوه ضعيفان.
فهذا كلامه في الرجل، وأما الحديث فقد قال في رواية عبد الخالق بن منصور الآنفة لما سئل عن رواية أبي الصلت: ما هذا الحديث بشيء.
وقال في رواية ابن الجنيد: ما سمعت به قط، وما بلغني إلا عنه. وقال في الموضع الثاني: هذه الأحاديث التي يرويها لا نعرفها.
ولما أخبر الدوري وصالح بن محمد ابنَ معين أن أبا الصلت يروي حديث أبي معاوية عن الأعمش هذا أجابهما أنه محمد بن جعفر الفيدي تابعه، وزاد عند في رواية الحاكم عن الدوري أن الفيدي ثقة مأمون.
وسأله أبومنصور يحيى بن أحمد بن زياد الشيباني الهروي (في أحاديثه عن ابن معين رقم 40، ومن طريقه الخطيب 11/ 49) عن حديث أبي الصلت هذا فأنكره جدا.
ورواه الخطيب في موضع آخر (11/ 205) من نفس الطريق، لكن لفظه: سألت يحيى بن معين عن حديث أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس أنا مدينة العلم، فأنكره جدا.
وقال ابن محرز (1/ 79 ومن طريقه الخطيب 11/ 50): سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي؟ قال: ليس ممن يكذب، فقيل له في حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها"، فقال: هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير قال: حدّث به أبو معاوية قديماً ثم كف عنه. وكان أبو الصلت رجلاً موسراً، يطلب هذه الأحاديث، ويكرم المشايخ، وكانوا يحدّثونه بها.
ولما سأل ابن الجنيد ابن معين عن رواية أبي الصلت لحديث الأعمش هذا قال: ما سمعت به قط، وما بلغني إلا عنه. وقال في موضع آخر: هذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها.
¥