وهناك احتمال –لكن فيه ضعفاً- أنه ذاك الجرجاني الذي أورد له ابن عدي حديثا منكرا عن أبي معاوية. (انظر الكامل 1/ 272).
9) موسى بن محمد الأنصاري الكوفي عنه: أخرجه خيثمة بن سليمان في حديثه (ص200) من طريق محفوظ بن بحر الأنطاكي، عن موسى، ولفظه: "أنا مدينة الحكمة وعلي بابها".
قلت: موسى ثقة، ولكن الراوي عنه كذّبه أبوعروبة، وضعّفه مفسَّراً ابنُ عدي وابن طاهر، وشذّ ابن حبان فقال: مستقيم الحديث. فلعله خفيت عليه حاله، ونص الذهبي في الميزان (3/ 444) أن هذا الحديث من بلاياه. وقال ابن العجمي في الكشف الحثيث (610): إنه من وضعه وأكاذيبه.
10) أحمد بن سلمة أبوعمرو الكوفي عنه بنحوه: أخرجه ابن عدي (1/ 189) ومن طريقه السهمي في تاريخ جرجان (65) وابن عساكر (42/ 142) وابن الجوزي (1/ 352).
وأحمد هذا كذاب، وقال ابن عدي: وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، سرقه منه أحمد بن سلمة هذا، ومعه جماعة ضعفاء.
وقال أيضا (5/ 67): وحدث به أحمد بن سلمة الكوفي من ساكني جرجان، وكان متهما، عن أبي معاوية كذلك. واتهمه بسرقة هذا الحديث من أبي الصلت.
11) رجاء بن سلمة عنه بنحوه: رواه الخطيب (4/ 348) -ومن طريقه ابن عساكر (42/ 379) وابن الجوزي (1/ 351) - عن العتيقي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد، حدثنا أبوبكر أحمد بن فاذويه بن عزرة الطحان، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم، حدثني رجاء به.
وهذا موضوع، فشيخ العتيقي هو أبوالقاسم الثلاج: كذابٌ وضاع.
والطحان ساق الخطيب هذا الحديث في ترجمته، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما شيخه فثقة.
ورجاء قال عنه ابن الجوزي: إنهم اتهموه بسرقة هذا الحديث. فإن ثبت السند إليه فالأمر كذلك، لحكم جماعة من الحفاظ أن كل من رواه عن أبي معاوية سرقه، وأنه لم يروه عنه ثقة.
12) محمود بن خداش عنه: عزاه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 352) لابن مردويه من طريق الحسن بن عثمان، عن محمود به.
ومحمود ثقة، لكن البلية من الراوي عنه، فإنه كذاب يضع الحديث، وبه أعله ابن الجوزي.
13) هشام عنه: ذكر الدارقطني في التعليقات على المجروحين (179) أن رجلا كذابا من أهل الشام رواه عن هشام، عن أبي معاوية.
ولم يسم الرجل، ولا يهم معرفة اسمه ما دام كذاباً.
فهذا ما وقفنا عليه من طرق إلى أبي معاوية، ولم يثبت إليه منها شيئ عند التحقيق، بل كلها من طريق الكذابين والمجاهيل، فالأمر كما قال الحفاظ إنه لا يثبت عن أبي معاوية، ولم يحدّث به عنه ثقة.
والحديث عزاه السخاوي في الأجوبة المرضية (2/ 877) لأبي الشيخ في السنة من طريق أبي معاوية به.
الطريق الثانية: سعيد بن عقبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا بنحوه:
أخرجه ابن عدي (3/ 412) -ومن طريقه ابن عساكر (42/ 380) وابن الجوزي (1/ 352) - عن أحمد بن حفص السعدي، نا سعيد به.
وهذا موضوع، فشيخ ابن عدي ضعيف صاحب مناكير، وقال الذهبي في الميزان (2/ 153): لعله اختلقه.
وسعيد هذا مظلم الأمر شديد الضعف، ويظهر أنه شيعي، فقال عنه ابن عدي: حدثنا عنه أحمد بن حفص السعدي وحده؛ عن جعفر بن محمد والأعمش بما لا يتابع عليه. سألت عنه ابن سعيد [يعني ابن عقدة] فقال: لا أعرفه في الكوفيين، ولم أسمع به قط. وكتب عني من حديثه بعضها. وأورد له ابن عدي هذا الحديث مع قصة في آل البيت، وحديث آخر عن آل البيت قال عنه: منكر الإسناد والمتن. ثم قال: وسعيد بن عقبة هذا لم يبلغني عنه من الحديث غير ما ذكرت، وهو مجهول غير ثقة.
قلت: لم أجد لسعيد ذكراً في موضع آخر، وكل من جاء بعد ابن عدي ممن كتب في الضعفاء والموضوعات فقد اعتمد على كلامه.
والقاعدة أن الراوي إذا كان شبه مجهول، وليس له إلا روايات قليلة، وهي على قلتها منكرة، ولا يتابع عليها: فإنه شديد الضعف على أقل الأحوال، وانظر مثالاً في سؤالات البرذعي لأبي زرعة (2/ 512) والجرح والتعديل (4/ 119).
أما الغماري فبتر كلام ابن عدي الطويل في السعدي وشيخه، وقال في جزئه: قال ابن عدي: سعيد بن عقبة مجهول. انتهى!
وطريقٌ غريبةٌ هذه رجالُها، وهي من الأفراد إلى القرن الرابع: لا ينبغي التردد في بطلانها.
الطريق الثالثة: عثمان بن عبدالله العثماني، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش به، بلفظ: "أنا مدينة الحكمة":
¥