وأقره ابن طاهر في ذخيرة الحفاظ (2/ 774) وابن عساكر.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح.
وقال الذهبي في السير (8/ 24): هذا حديث منكر، كأنه موضوع.
وعده الذهبي من مناكير ابن لهيعة في الميزان (1/ 624 و2/ 483)، وقال في تاريخ الإسلام (11/ 224): مناكيره جمة، ومن أردئها هذا الحديث. وقال في تلخيص العلل المتناهية (169): بهذا وشبهه استحق ابن لهيعة الترك، مع أن راويه عنه مضعّف.
وقال الألباني في الضعيفة (4968): منكر.
قلت: الحديث ظاهر أنه من وضع الرافضة، وكأن أحدهم أدخله على ابن لهيعة، وقد كان يُدخَل عليه ويتلقن، وقد يكون مُدخله خالد بن نجيح، فقال البرذعي في سؤالاته لأبي زرعة (2/ 417 ومن طريقه الخطيب 3/ 162): رأيتُ بمصر نحوا من مائة حديث عن عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار وعطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها: "لا تُكرم أخاك بما يشق عليه". فقال: لم يكن عثمان عندي ممن يكذب، ولكن كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ؛ أملى عليهم ما لم يسمعوا، فبُلوا به.
قلت: وخالد هذا كذاب، كان يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب الناس.
وربما كان البلاء من كامل، فإن فيه كلاما على صدقه، وقد تفرد به من بين أصحاب ابن لهيعة، وقال الذهبي في السير (8/ 26) متعقبا اتهام ابن عدي لابن لهيعة أنه مفرط في التشيع: ما سمعنا بهذا عن ابن لهيعة، بل ولا علمت أنه غير مفرط في التشيع، ولا الرجل متهم بالوضع، بل لعله أُدخل على كامل، فإنه شيخ محله الصدق، لعل بعض الرافضة أدخله في كتابه؛ ولم يتفطن هو.
وقال في تاريخ الإسلام (11/ 225): لعل البلاء فيه من كامل.
قلت: ويظهر أن أصله مركب من حديث علي السابق، والحديث الموضوع المنسوب إلى عائشة في قصة قبض روح النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتضن عليا في ثوب، رواه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 392) وغيره.
حديث آخر عن ابن عباس:
رواه الدارقطني في الأفراد (3/ 293 أطرافه) -ومن طريقه الديلمي في مسند الفردوس (3/ 64) وابن الجوزي في العلل المتناهية (384) - عن أبي ذر أحمد بن محمد الباغندي، أنا محمد بن علي بن خلف العطار، أنا حسين الأشقر، نا شريك، عن الأعمش، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: "علي بن أبي طالب باب حطة، فمن دخل فيه كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا".
قال الدارقطني: تفرد بن حسين الأشقر عن شريك، وليس بالقوي.
قلت: هذا مسلسل بالعلل، فالأعمش مدلس، وقد عنعنه، وشريك ليس بالقوي، وتقدمت الرواية عنهما بخلاف هذا، وحسين الأشقر شيعي واه، ولكن يظهر أن بليّته من العطار، فقال ابن عدي (2/ 382) بعد أن أورد أحاديث أخرى في فضائل آل البيت من روايته عن الأشقر: ومحمد بن علي هذا عنده من هذا الضرب عجائب، وهو منكر الحديث، والبلاء فيه عندي من محمد بن علي بن خلف .. إلى أن قال: والحسين الأشقر له غير هذا من الحديث، وليس كل ما يُروى عنه من الحديث فيه الإنكار يكون من قِبَله، وربما كان من قِبَل من يروي عنه، لأن جماعة من ضعفاء الكوفيين يحيلون بالروايات على حسين الأشقر، على أن حسينا هذا في حديثه بعض ما فيه.
قلت: وتأتي للعطار رواية أخرى بسند آخر في هذا الباب.
والحديث ذكره الذهبي في ترجمة حسين الأشقر في الميزان (1/ 532): هذا باطل.
وقال السخاوي في المقاصد (189) وفي الأجوبة المرضية (2/ 879): سنده ضعيف جدا.
وقال الألباني في الضعيفة (3913): باطل. وقال في ضعيف الجامع (3800): موضوع.
تنبيه: وقع الحديث في كتاب الفردوس عن ابن عباس، وهكذا ساق سنده الغماري في المداوي (4/ 485) والألباني في الضعيفة (3913)، وهو هكذا في أصله الأفراد للدارقطني، وكتاب ابن الجوزي، وكنز العمال (32910)، وفيض القدير (4/ 356)، ولكن وقع في زهر الفردوس لابن حجر (كما في حاشية الفردوس): عطاء عن ابن عمر، وتبعه السخاوي في كتابيه، فاقتضى التنويه.
وحديث "علي باب حطة" روي عن الأعمش من وجه آخر عن أبي ذر، وله طريقان آخران إلى أبي ذر، وروي من حديث أبي سعيد الخدري، وحديث علي، وكلها شديدة الضعف، والله أعلم.
تنبيه:
وقع في تلخيص الموضوعات (258) للذهبي عن سعد رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول غير مرة لعلي: "إن (مدينة العلم) لا تصلح إلا بي أو بك".
فلت: وهذا اللفظ تصحيف من ناسخ المخطوط، ولا أصل له مطلقاً في الرواية، ونبّه المحقق أن ما بين قوسين وقع في أصله الموضوعات لابن الجوزي وفي اللآلئ المصنوعة والفوائد المجموعة: (إن المدينة).
على أن الحديث بلفظه المحفوظ موضوع أيضاً، ويُنظر له المجروحين لابن حبان (1/ 258)، ومنهاج السنة (4/ 274)، والمصادر السابقة.
ذكرتُ ذلك لئلا يُغتر باللفظ ويُحسب من شواهد الحديث، والله أعلم.
وتبيّن فيما سبق أن حديث مدينة العلم وجميع الأحاديث التي بمعناه وتشبهه: كلها موضوعة، والأمر كما قال العقيلي: لا يصح في هذا المتن شيء.
والله أعلم.
كتبه: محمد زياد بن عمر التُّكْلَة
حامداً مصليًّا مسلّماً
الرياض 1428
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?p=10644#post10644
¥