وَكَذَا لَا يَضُرُّ قَوْلُهُ لَا أَدْرِي أَسَمِعَ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ أَمْ لَا , فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ وَسَمَاعُهُ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ مُمْكِنٌ فَإِنَّهُ قُتِلَ سَنَةَ 145 خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ اِبْنُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَبُو الزِّنَادِ مَاتَ سَنَةَ 130 ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ , فَيُحْمَلُ عَنْعَنَتُهُ عَلَى السَّمَاعِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مُضْطَرِبٌ فَإِنَّهُ رَوَاهُ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَالطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ? أَنَّهُ قَالَ: إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِرُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَلَا يَبْرُكْ كَبُرُوكِ الْفَحْلِ , فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُخَالِفُ الرِّوَايَةَ الَّتِي رَوَاهَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَالِاضْطِرَابُ مُوَرِّثٌ لِلضَّعْفِ.
وَفِيهِ أَنَّ رِوَايَةَ اِبْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّحَاوِيِّ هَذِهِ ضَعِيفَةٌ جِدًّا فَإِنَّ مَدَارَهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ وَقَدْ عَرَفْت حَالَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَلَا اِضْطِرَابَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ , فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الِاضْطِرَابِ اسْتِوَاءَ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ , وَلَا تُعَلُّ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ بِالرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ الْوَاهِيَةِ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ حَدِيثَ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَقْوَى وَأَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُنْتَقَى: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا اِنْتَهَى. فَحَدِيثُ وَائِلٍ هُوَ الْأَوْلَى بِالْعَمَلِ:
وَفِيهِ أَنَّ فِي كَوْنِ حَدِيثِ وَائِلٍ أَثْبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَظَرًا , فَإِنَّ حَدِيثَ وَائِلٍ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْت , وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ حَسَنٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ فَلَا يَكُونُ هُوَ حَسَنًا لِذَاتِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ لِتَعَدُّدِ طُرُقِهِ الضِّعَافِ: وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ لِذَاتِهِ , وَمَعَ هَذَا فَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ صَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ , وَقَدْ عَرَفْت قَوْلَ الْحَافِظِ اِبْنِ حَجَرٍ وَابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ وَابْنِ التُّرْكُمَانِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ فِي تَرْجِيحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ , فَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَثْبَتُ وَأَقْوَى مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنْ كَانَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ شَاهِدٌ فَلِحَدِيثِ وَائِلٍ شَاهِدَانِ: أَحَدُهُمَا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْحَطَّ بِالتَّكْبِيرِ فَسَبَقَتْ رُكْبَتَاهُ يَدَيْهِ , قَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً , وَثَانِيهِمَا. مَا أَخْرَجَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ. كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ فَأُمِرْنَا أَنَّ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ.
يُقَالُ: هَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَا يَصْلُحَانِ أَنْ يَكُونَا شَاهِدَيْنِ لِحَدِيثِ وَائِلٍ أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَلِأَنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ الْعَلَاءُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَطَّارُ وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ , وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ الْعَلَاءُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ اِنْتَهَى. وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ سَاءَ حِفْظُهُ فِي الْآخِرِ: صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي مُقَدِّمَةِ الْفَتْحِ: وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ: قَالَ أَبُو
¥