3/ 2 / 222/ 1224 و 1226) فتبين أن الوهم من ابن القيم و الله أعلم. فلعل
علة هذا الإسناد من يعقوب بن عيسى شيخ الخرائطي , فإنى لم أجد له ترجمة , و من
طبقته يعقوب بن عيسى بن ماهان أبو يوسف المؤدب ترجمه الخطيب (14/ 271 - 272)
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و لكنه لم يذكر أنه من ولد عبد الرحمن بن عوف
, و الله أعلم , و هو من شيوخ أحمد في المسند قال الحافظ في " التعجيل " قال
أبو زرعة ابن شيخنا لا أعرفه , و ذكره ابن حبان في " الثقات " (9/ 286) لكن
وقع فيه يعقوب بن يوسف بن ماهان ثم وجدت الحافظ ابن حجر قد تكلم على الحديث في
" التلخيص الحبير " (5/ 273)
و أعله من الطريق الأولى بنحو ما نقلناه عن " الخلاصة " و أعل الطريق الثانية
من رواية يعقوب عن ابن أبي نجيح بأن يعقوب ضعفه أحمد بن حنبل , ثم قال:
و رواه الخطيب من طريق الزبير بن بكار , و هذه الطريق غلط فيها بعض الرواة
فأدخل إسنادا في إسناد , و خلاصة القول: إن هذا الطريق ضعيف أيضا لضعف يعقوب
هذا و اضطرابه في روايته فمرة يقول: عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا , فيرسله
و لا يذكر الواسطة بينه و بين ابن أبي نجيح , و مرة يقول عن الزبير عن
عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس فيسنده و يوصله
.
قال ابن القيم: و كلام حفاظ الإسلام في إنكار هذا الحديث هو الميزان و إليهم
يرجع في هذا الشأن , و لم يصححه و لم يحسنه أحد يعول في علم الحديث عليه , و
يرجع في التصحيح إليه , و لا من عادته التسامح و التساهل , فإنه لم يصف نفسه له
, و يكفي أن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف و يروي منها الغث
و السمين قد أنكره و شهد ببطلانه.
نعم ابن عباس لا ينكر ذلك عنه , و قد ذكر أبو محمد بن حزم عنه أنه سئل عن الميت
عشقا فقال: قتيل الهوي لا عقل له و لا قدر , و رفع إليه بعرفات شاب قد صار
كالفرخ فقال: ما شأنه ? قالوا: العشق , فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق.
فهذا نفس ما روى عنه في ذلك.
و مما يوضح ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عد الشهداء في الصحيح , فذكر
المقتول في الجهاد و الحرق و الغرق , و المبطون , و النفساء يقتلها ولدها , و
صاحب ذات الجنب , و لم يذكر منهم من يقتله العشق , و حسب قتيل العشق أن يصح له
هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما على أنه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله , و
يعف لله و يكتم لله , لكن العاشق إذا صبر و عف و كتم مع قدرته على معشوقه و آثر
محبته لله و خوفه و رضاه فهو من أحق من دخل تحت قوله تعالى * (و أما من خاف
مقام ربه و نهى النفس عن الهوى , فإن الجنة هي المأوى) * و تحت قوله تعالى * (و
لمن خاف مقام ربه جنتان) *.
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب عن عائشة و عن
ابن عباس , و هذا يوهم أن له طريقين أحدهما عن عائشة و الآخر عن ابن عباس ,
و الحقيقة أنه طريق واحد , وهم في سنده بعض الضعفاء فصيره من مسند عائشة ,
و إنما هو من مسند ابن عباس كما تقدم , فقد أخرجه الخطيب في " تاريخه " (12 /
479) من طريق أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي: حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن
مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به , و قال:
رواه غير واحد عن سويد عن علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس
و هو المحفوظ , و كذا قال في " المؤتلف " أيضا كما في " اللسان " و أشار إلى أن
الخطأ في هذا الإسناد من الطوسي هذا , قال الدارقطني: ليس بالقوي , يأتي
بالمعضلات.
قلت: فهذا الإسناد منكر لمخالفة الطوسي لرواية الثقات الذين أسندوه عن سويد
بسنده عن ابن عباس , فلا يجوز الاستكثار بهذا الإسناد و التقوي به لظهور خطئه
و رجوعه في الحقيقة إلى الإسناد الأول , و قد قال ابن القيم في " الداء و
الدواء " (ص 353) بعد أن ساق رواية الخطيب هذه:
فهذا من أبين الخطأ , و لا يحمل هشام عن أبيه عن عائشة مثل هذا عند من شم أدنى
رائحة الحديث , و نحن نشهد بالله أن عائشة ما حدثت بهذا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قط , و لا حدث به عروة عنها و لا حدث به هشام قط.
و خلاصة القول أن الحديث ضعيف الإسناد من الطريقين , و قد أنكره العلامة ابن
¥