تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القيم من حيث معناه أيضا و حكم بوضعه كما رأيت , و قد أوضح ذلك في كتابه " زاد

المعاد " أحسن توضيح فقال (3/ 306 - 307):

و لا تغتر بالحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم ساقه من

الطريقين ثم قال , فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا

يجوز أن يكون من كلامه , فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة

الصديقية و لها أعمال و أحوال هي شروط في حصولها و هي نوعان عامة و خاصة ,

فالخاصة الشهادة في سبيل الله و العامة خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحدا

منها ,

و كيف يكون العشق الذي هو شرك المحبة و فراغ عن الله و تمليك القلب و الروح

و الحب لغيره تنال به درجة الشهادة! ? هذا من المحال , فإن إفساد عشق الصور

للقلب فوق كل إفساد بل هو خمر الروح الذي يسكرها و يصدها عن ذكر الله و حبه ,

و التلذذ بمناجاته و الأنس به , و يوجب عبودية القلب لغيره , فإن قلب العاشق

متعبد لمعشوقه بل العشق لب العبودية , فإنها كمال الذل و الحب و الخضوع

و التعظيم فكيف يكون تعبد القلب لغير الله مما تنال به درجة أفاضل الموحدين

و ساداتهم و خواص الأولياء! ? فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس كان غلطا

و وهما , و لا يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ العشق من حديث صحيح

البتة , ثم إن العشق منه حلال و منه حرام , فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم

أنه يحكم على كل عاشق يكتم و يعف بأنه شهيد! ? أفترى من يعشق امرأة غيره أو

يعشق المردان و البغايا ينال بعشقه درجة الشهداء! ? و هل هذا إلا خلاف المعلوم

من دينه صلى الله عليه وسلم ? كيف و العشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه

لها من الأدوية شرعا و قدرا , و التداوي منه إما واجب إن كان عشقا حراما ,

و إما مستحب , و أنت إذا تأملت الأمراض و الآفات التي حكم رسول الله صلى الله

عليه وسلم لأصحابها بالشهادة وجدتها من الأمراض التي لا علاج لها , كالمطعون

و المبطون و المجنون و الحرق و الغرق , و منها المرأة يقتلها ولدها في بطنها ,

فإن هذه بلايا من الله لا صنع للعبد فيها و لا علاج لها , و ليست أسبابها محرمة

و لا يترتب عليها من فساد القلب و تعبده لغير الله ما يترتب على العشق , فإن لم

يكف هذا في إبطال نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلد

أئمة الحديث العالمين به و بعلله فإنه لا يحفظ عن إمام واحد منهم قط أنه شهد له

بصحة , بل و لا بحسن , كيف و قد أنكروا على سويد هذا الحديث و رموه لأجله

بالعظائم و استحل بعضهم غزوه لأجله.

و خلاصة الكلام أن الحديث ضعيف الإسناد موضوع المتن كما جزم بذلك العلامة ابن

القيم في المصدرين السابقين , و كذا في رسالة " المنار " له أيضا (ص 63) و

مثله في " روضة المحبين " و الله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير