تخريج حديث: "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً"، وبيان إرساله
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[03 - 05 - 07, 07:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد كرر بعض الناس ذكر هذا الحديث مثالاً على خطأ دعوى "أنه لو حكم أحد المتقدمين على حديث بحكمٍ فلا يمكن أن يستدرك عليه المتأخرون شيئًا"، ومثالاً على "جهل" من فرّق بين المتقدمين والمتأخرين في نقد الحديث النبوي.
وبغضِّ النظر عن أن الدعوى المذكورة ما هي إلا فرية ألصقت بمن فرّق بين المتقدمين والمتأخرين= فإن الدراسة العلمية المدقّقة تدلّ على خطأ تصحيح الحديث -وهو ما سار عليه بعض المتأخرين ومن سلك مسلكهم من المعاصرين-، وتثبت أن حكم الإمام الناقد المتقدم هو الصواب.
وقد سبق كلامٌ حول هذا الحديث في الملتقى:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5919
وفيما يلي تخريج مبسوط له، والله الموفق والمعين والمسدد.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[03 - 05 - 07, 07:43 م]ـ
أخرج الحديثَ ابنُ حبان (974) - ومن طريقه الضياء في المختارة (5/ 63، رقم: 1686) - من طريق أبي عتاب الدلال سهل بن حماد، وابن السني في عمل اليوم والليلة (351) والبيهقي في الدعوات الكبير (235) والضياء في المختارة (5/ 62، رقم: 1683) من طريق أبي داود الطيالسي، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 147) - ومن طريقه الضياء في المختارة (5/ 63، رقم: 1685) - من طريق أبي حاتم الرازي، والضياء في المختارة (5/ 62، رقم: 1684) من طريق إسحاق بن أحمد بن نافع، كلاهما - أبو حاتم وإسحاق - عن ابن أبي عمر العدني عن بشر بن السري، وذكر البيهقي في الدعوات الكبير (1/ 172) والديلمي في الفردوس (2019) رواية عبيد الله بن موسى (1)،
أربعتهم - سهل وأبو داود وبشر وعبيد الله - عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به.
وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل (2/ 194) عن أبيه، والمحاملي في الدعاء (46) عن أبي بكر بن صالح، والبيهقي في الدعوات الكبير (234) من طريق محمد بن غالب تمتام، ثلاثتهم - أبو حاتم وأبو بكر وتمتام - عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، لم يذكر أنسًا.
وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 305) عن محمد بن علي بن ميمون، عن القعنبي به، وذكر أنسًا في الإسناد.
# خلاصة الاختلاف:
ظهر أنه اختلف في هذا الحديث على حماد بن سلمة:
- فرواه سهل بن حماد وأبو داود الطيالسي وبشر بن السري وعبيد الله بن موسى عنه موصولاً،
- ورواه القعنبي واختُلف عنه:
* فرواه أبو حاتم الرازي وأبو بكر بن صالح ومحمد بن غالب تمتام عنه عن حماد بن سلمة عن ثابت به مرسلاً،
* ورواه محمد بن علي بن ميمون عنه عن حماد به موصولاً.
وسأدرس الراجح عن الرواة الأدنين أولاً، ثم من فوقهم:
# دراسة الراجح عن القعنبي:
انفرد محمد بن علي بن ميمون برواية الحديث عن القعنبي موصولاً، وخالفه ثلاثة فيهم أبو حاتم الرازي إمام الحديث وجبل الحفظ، فروايتهم أرجح بلا إشكال، وقد ذكر أبو حاتم (كما في العلل: 2/ 194) أنه بلغه أن جعفر بن عبد الواحد - وهو الهاشمي - لقَّن القعنبيَّ زيادةَ أنس في هذا الإسناد، فدعى عليه، وقد ذكر هذا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 483)، قال: (سمعت أبي يقول: «كان جعفر بن عبد الواحد وصل حديثًا لعبد الله بن مسلمة، زاد فيه أنسًا، فدعا عليه القعنبي، فافتضح»)، وقال البرذعي (كما في سؤالاته أبا زرعة الرازي: 2/ 574): ( ... قال لي - يعني: أبا زرعة الرازي -: «ما أخوفني أن تكون دعوة الشيخ الصالح أدركته - يعني: أدركَتْ جعفرَ بن عبد الواحد -»، قلت: أي شيخ؟ قال: «القعنبي، بلغني أنه دعا عليه فقال: (اللهم افضحه)، لا أحسب ما بُلِيَ به إلا بدعوة الشيخ»، قلت: كيف دعا عليه؟ قال: «بلغني أنه أدخل عليه حديثاً أحسبه عن ثابت، جعله عن أنس، فلما فارقه رجع الشيخ إلى أصله فلم يجده، فاتهمه، فدعا عليه»).
¥