تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم اعلم أن الطبري لم يضعف كثير بن زيد بل إنما قال: " هو عندهم ممن لا يحتج بنقله "، فإلى من يرجع الضمير في كلمة "عندهم"؟! هذا الجرح ليس جرحاً مبهما غير مفسراً فقط بل الجارح مجهول أيضاً. ثم الطبري نفسه لم يعتن بذلك أصلاً لأنه قد خرج لكثير بن زيد في كتابه " تهذيب الآثار " (راجع حديث رقم 879 بتحقيق محمود محمد شاكر) وشرطه في هذا الكتاب رواية ما صح سنده لديه. بل الطبري قد صحح هذا الحديث الذي نحن فيه، ففي كنز العمال (ج 1 ص 379 رقم 1650): {عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اني قد تركت ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله سبب بيد الله وسبب بأيديكم وأهل بيتي (ابن جرير وصححه)}. فالطبري نفسه لا يصدقهم فكيف تقول أنت يا أخي: "وصدق الطبري"؟!

وإن سلمنا بضعف حفظ كثير بن زيد فينحط حديثه عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن كما قال الشيخ الألباني: " وفي كثير بن زيد كلام، لا ينحط به حديثه عن مرتبة الحسن " (السنة ص 346)، وقال أيضا كما ذكرت في مشاركتي السابقة: " وقد تكلم فيه أئمة الحديث فمنهم وثقه ومنهم ضعفه ومنهم مشاه وهو الأرجح وترى أقوالهم فيه في التهذيب " (سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 2636) ثم حسن أحاديثه. وهكذا قال ابن القطان، فإنه بعد أن ذكر حديثاً فيه كثير بن زيد: " وينبغي أن يقال فيه: حسن، لما بكثير بن زيد من الضعف، وإن كان صدوقاً " (بيان الوهم والإيهام ج 5 ص 211). وهكذا الحافظ الإمام ابن كثير فإنه بعد أن ذكر حديثاً في إسناده كثير بن زيد قال: " إسناده حسن " (إرشاد الفقيه ج 2 ص 54). وهكذا الحافظ ابن الملقن بعد أن ذكر حديثاً فيه كثير بن زيد قال: " إسناده حسن متصل " (البدر المنير ج 5 ص 325، تحفة المحتاج ج 2 ص 29). وقال الحافظ العراقي عقب حديث ذكره وفي سنده كثير بن زيد: " إسناده حسن " (تخريج الإحياء ج 2 ص 227). وقال الهيثمي بعد أن ذكر حديثاً من مسند أحمد والبزار فيه كثير بن زيد: " إسناده حسن " (مجمع الزوائد ج 10 ص 203 وص 334). وهكذا قال ابن حجر المكي الهيثمي بعد أن ذكر حديثاً فيه كثير بن زيد: " وأحمد بسند حسن " (الزواجر ج 3 ص 355). إذن تحسين الشيخ الألباني والحافظ ابن كثير وابن القطان وابن حجر العسقلاني وغيرهم لكثير بن زيد إنما كان إعتماداًً على كلام أئمة الجرح والتعديل من المتقدمين، فلا وجه لذكر كلام الشيخ المعلمي هنا: " وتحسين المتأخرين فيه نظر ". بل الإمام ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ومالك وابن عمار وابن جرير قد صححوا له والترمذي حسن له وأبو داود أخرج له في سننه وسكت عنه وفيه تعديل وتوثيق من الإمام أحمد وابن عدي وابن معين وابن شاهين والبزار، فأين المتأخرين لكي يقال " وتحسين المتأخرين فيه نظر "؟!

والحافظ هو الذي ذكر في " تهذيب التهذيب " جرح العلماء في كثير بن زيد وهو الوحيد الذي نقل كلام الطبري في كثير بن زيد ولكن مع ذلك يحسن حديثه في غير موضع من كتبه وهكذا الشيخ الألباني قد اطلع على كلام الطبري وغيره في كثير بن زيد ومع ذلك قد حسن له وقال: {وقد تكلم فيه أئمة الحديث فمنهم وثقه ومنهم ضعفه ومنهم مشاه وهو الأرجح وترى أقوالهم فيه في التهذيب ... } (سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 2636). وقال في السلسة الصحيحة (رقم 926) بعد أن أورد حديثاً في إسناده كثير بن زيد: {قلت: إسناد حسن كما قال الحافظ العراقي في – تخريج الإحياء ج 2 ص 160 - وأقره المناوي، وإنما لم يصححه للخلاف في ابن زيد هذا}.

وأذكركم مرة أخرى بكلام الشيخ الألباني: {قلت: هذا تعنت ظاهر، فان الرجل مختلف فيه، ولا يجوز الإعتماد على قول المضعف إلا بعد الموازنة بينه وبين قول من وثقه وإلا لم يسلم لنا من الحديث إلا القليل} (سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم 3442). وبكلامه: {فليس كل من تكلم فيه بعضهم يعل به حديثه، فكم من راو من رواة الشيخين، قد تكلم فيه بعض الأئمة، ومنهم هذا، بل وشيخه عكرمة أيضا. وإنما ينبغي في هذه الحالة الرجوع إلى علم الجرح والتعديل وأصوله ممن كان عالماً به، مع الاستغاثة بالحفاظ الذين سبقونا في هذا المجال ... } (سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 3462).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير