تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وابن المبارك والليث إمامان، فهل نقول: إن زيادة ابن المبارك زيادة من ثقة، يجب قبولها، وليس مع الليث ابن سعد مرجح آخر من كثرة رواة، أو اختصاص بشيخ، حتى يحكم بشذوذها؟ أو نقول: نقبل ما اتفقا عليه من رواية الحديث دون ما انفرد به كل واحد منهما؟.

كما أن هناك اختلافاً بينهما غير مؤثر في لفظ الحديث، فرواية الليث على البناء للمعلوم، قال: اشتريت يوم خيبر قلادة ... فذكرت ذلك لرسول الله ?.

ورواية ابن المبارك: أتي رسول الله ? عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز. على البناء للمجهول، وهذا لا ينبني عليه أي حكم، ولا يعد اختلافاً أصلاً. كما اتفقا على أن القلادة فيها ذهب وخرز.

وإن كنت أرجح أن الخلاف قد لا يكون منهما، فقد يكون هذا الاختلاف جاء من طبقة أعلى منهما، وأميل أن الاختلاف ربما كان من حنش الصنعاني، والله أعلم.

ورواه الجلاح أبي كثير، عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد، قال: كنا مع رسول الله ? يوم خيبر، نبايع اليهود: الوقية الذهب بالدينارين والثلاثة، فقال رسول الله ?: لاتبيعوا الذهب بالذهب إلا وزناً بوزن. وهذه ليس فيه أي إشارة للقلادة.

أخرجه أحمد (6/ 22)، ومسلم (1591)، وأبو داود (3353)، والبزار في مسنده (3757)، وأبو عوانة في مسنده (5417)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 293)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 107) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر، عن الجلاح به.

وهذه تخالف رواية الليث ورواية ابن المبارك، فليس فيها أي إشارة للقلادة، بل فيها النص على أن المبيع ذهب بذهب، ولم يذكر أن مع الذهب جنساً آخر، وليس فيه النهي عن البيع حتى تفصل. وأرى أن هذه الرواية شاذة، مخالفة لرواية الليث بن سعد، ورواية ابن المبارك، وهما أحفظ من الجلاح، وما جاءنا في تعديل الجلاح هو أن الدارقطني قال فيه: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال فيه يزيد بن أبي حبيب الأزدي: كان رضياً. وقال ابن عبد البر: ثقة. انظر تهذيب التهذيب (2/ 108). وقال فيه الحافظ في التقريب: صدوق.

هذا كل ما وصلنا عنه، وأحاديثه معدودة، فأين منزلة هذا من الليث بن سعد، أو من عبد الله ابن المبارك، أضف إلى ذلك أنه قد اختلف عليه.

فرواه عبيد الله بن أبي جعفر عن الجلاح كما سبق.

ورواه بكير بن عبد الله بن الأشج، عن جلاح، فخالف في لفظه، أخرجه أبو عوانة في مسنده (5371)، من طريق قدامة بن محمد، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت أبا كثير جلاح مولى بن مروان يقول: سمعت حنش السبأي يقول: أردت أن ابتاع من فضالة ابن عبيد قلادة من السهمان، فيها فصوص، ولؤلؤ، وفيها ذهب، وهي ثمن ألف دينار، قال: إن شئت سمتك، وإن شئت حدثتك عن رسول الله ? فإنا كنا يوم خيبر جعل على الغنائم سعد ابن أبي وقاص، أو سعد ابن عبادة، فأرادوا أن يبيعوا الدينار بالثلاثة، والثلاثة بالخمسة، فقال رسول الله ? لا، إلا مثقالا بمثقال.

واختصره الطبراني في المعجم الأوسط (6473) من طريق قدامة بن محمد به، وقال: لم يرو هذا الحديث عن بكير بن عبد الله إلا مخرمة، تفرد به قدامة بن محمد. وذكره ابن عبد البر في التمهيد (24/ 106) وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (1/ 242)، وقال ابن عبد البر: وهذا إسناد صحيح متصل حسن.

ورواه عامر بن يحيى المعافري، عن حنش، أنه قال: كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة، فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورق، وجوهر، فأردت أن أشتريها، فسألت فضالة ابن عبيد، فقال: انزع ذهبها فاجعله في كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلاً بمثل، فإني سمعت رسول الله ? يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلاً بمثل.

وهذا الطريق أخرجه مسلم (1591)، والطحاوي في مشكل الآثار (6097)، وفي شرح معاني الآثار (4/ 74)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (18/ 302) رقم: 776، وأبو عوانة في مسنده (5374، 5413)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 292)، وفي معرفة السنن والآثار (4/ 309)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 308)، والمزي في تهذيب الكمال (14/ 83).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير