وقد علق ابن حجر، على قول يحيى بن سعيد، في حديث ابن جريج، عن عطاء الخراساني، فقال: " ضعيف " وقال: " لا شيء، إنما هو كتاب دفعه إليه " قال ابن حجر: " قلت: ففيه نوع اتصال، ولذلك استجاز ابن جريج أن يقول فيه أخبرنا " ([146] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn146)).
أما رواية الواقدي، عن أبي الزناد، أنه قال: شهدت ابن جريج، جاء إلى هشام بن عروة، فقال: يا أبا المنذر، الصحيفة التي أعطيتها فلان هي حديثك؟ فقال: نعم.
قال الواقدي: فسمعت ابن جريج بعد ذلك يقول: حدثنا هشام بن عروة ما لا أحصي " ([147] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn147)) .
فهذه الرواية سندها ضعيف، محمد بن عمر الواقدي، متروك مع سعة علمه، كما قال ابن حجر ([148] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn148)) .
ومقتضى هذه الراوية، أن هشام لم يأذن لابن جريج بالراوية، حيث سأله فقط: هل هي من حديثك؟ فقال: نعم.
ثم استجاز ابن جريج روايتها بصيغة التحديث.
وهذا لا يصح من ابن جريج، إنما الصحيح ما رواه الفسوي بسنده، إلى هشام بن عروة، قال: جاء ابن جريج بصحيفة مكتوبة فقال لي: يا أبا المنذر، هذه أحاديث أرويها عنك؟ قلت: نعم. فذهب فما سألني عن شيء غيرها ([149] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn149)) .
وروى الترمذي ([150] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn150))، بسنده إلى يحيى بن سعيد، قال: جاء ابن جريج، إلى هشام بن عروة بكتاب فقال: هذا حديثك أرويه عنك؟ فقال: نعم.
وفي كلا الروايتين، التصريح بإذن هشام بن عروة لابن جريج بالرواية عنه، وهذه إجازة لمعين، وهي مما صححها العلماء وأجازها.
4 - أُخِذَ على ابن جريج، أنه يدلس تدليس الشيوخ، فقد دلس اسم شيخه، إبراهيم بن أبي يحيى، إلى إبراهيم بن أبي عطاء، ولم يثبت عنه ذلك النوع، إلا في شيخه هذا فقط، وهذا يعني أنه لم يكن مكثراً منه.
وتدليس الشيوخ، ليس قدحاً في الراوي؛ لأن له أسباباً كثيرة يحمل عليها، ولا نستطيع أن نجزم بقصد الراوي في هذا التدليس، وأقل ما فيه أنه يُوعر الطريق إلى معرفة الشيخ، الذي روى عنه، ولا يميَّز شيخه الذي روى عنه، وبالنسبة لابن جريج مع شيخه إبراهيم، مما ميّزه النقاد وعرفوه، ولم يخفَ ذلك عليهم.
وقد وقع في هذا التدليس، كثير من الأئمة بعضهم من الذين ذموه وحذروا منه، لكن يحمل ذلك منهم، على عدم قصدهم له.
وقد وقع في ذلك الخطيب البغدادي، وهو الحافظ المكثر من الشيوخ، والمسموع؛ حيث كان ينوع في الشيخ الواحد ([151] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn151)) .
ووقع ذلك أيضاً، للإمام البخاري في شيخه الذهلي، فإنه تارة يقول محمد، ولا ينسبه، وتارة: محمد بن عبدالله فينسبه إلى جده، وتارة: محمد بن خالد، وينسبه إلى والد جده ([152] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn152)) .
ومن خلال استعراض الأقوال السابقة في ابن جريج، نجد أن أكثر ما اتهم ابن جريج بتدليسه، ما كان عن طريق شيخه إبراهيم، مع أنه لم يرو عنه كثيراً، كما صرح بذلك أبو حاتم، حيث قال: " إبراهيم بن أبي يحى، روى عنه ابن جريج والشافعي، فأما ابن جريج فإنه يكني عنه ويسميه إبراهيم بن محمد بن أبي عامر، وإبراهيم بن أبي عطاء، وإبراهيم بن محمد بن أبي عطاء، ولم يرو عنه إلا الشيء اليسير " ([153] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn153)) .
وهذا الشيء اليسير عرفه العلماء، وميزوا رواياته عنه، ولم يكن خفياً، ولا كثيراً، بحيث يصعب حصره، وعلى ذلك فالروايات المُدلَسة، عن ابن جريج، من طريق شيخه إبراهيم، ليست كثيرة حتى يكون الحكم الغالب لها، بل أن ابن جريج ليس كثير التدليس كما سيأتي بيانه.
¥