وقد أجاب ابن القطان، عن هذه التهمة، التي وجهت إلى ابن جريج، فقال عند حديثه، عن إبراهيم بن أبي يحيى: " وقد كان من الناس، من كان حسن الرأي فيه، منهم الشافعي وابن جريج، وقد روى ابن جريج أحاديث قالوا: إنه إنما أخذها عن إبراهيم بن أبي يحيى فأسقطه وأرسلها ".
ثم قال معقباً على ذلك: " وعندي أن هذا لا يصح على ابن جريج، فإنه من أهل العلم والدين، وإن كان يدلس، فلا ينتهي في التدليس، إلى مثل هذا الفعل القبيح، ولو قدرناه حسن الرأي في إبراهيم " ([154] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn154)) .
وقد سبق قول المعلمي، عن ابن جريج، أنه لا يدلس إلا عمن كان ثقة عنده، أي لا يعتقد ضعفه أو كذبه، فيدلس عنه أو يكنيه، أو يلقبه، حتى لا يعرف.
وقد اعتذر الحافظ علاء الدين مغلطاي (ت762هـ)، لرواية الشافعي وابن جريج عنه، فقال نقلاً عن الإمام زكريا بن يحيى الساجي (ت307هـ): " والشافعي لم يخرج عن إبراهيم حديثاً في فرض، إنما جعله شاهداً في فضائل الأعمال، وظن به الشافعي ما ظن به ابن جريج " ([155] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn155)) .
وهذا يدل، على أن ابن جريج، كان حسن الظن في شيخه إبراهيم، لذلك كان يكنيه ويلقبه.
وكذلك كان الشافعي حسن الرأي فيه، حيث قال عنه: " لأن يخر إبراهيم من بُعد، أحب إليه من أن يكذب، وكان ثقة في الحديث " ([156] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn156)) وكان إذا روى عنه قال: " حدثني من لا أتهم ".
وقد اعتذر الذهبي، عن رواية الضعفاء، عندما نقل تدليس أبي الحسن القطان، عن الضعفاء فقال: " نعم والله صح هذا عنه أنه يفعله، وصح عن الوليد بن مسلم، بل وعن جماعةٍ كبارٍ فِعْله، وهذه بلية منهم، ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد، وما جوزوا على ذلك الشخص، الذي يسقطون ذكره بالتدليس، أنه تعمد الكذب، وهذا أمثل ما يعتذر به عنهم " ([157] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn157)) .
أما عن اتهام ابن أبي يحيى، لابن جريج حيث قال عنه:
" إني حدثته (من مات مرابطاً مات شهيداً) فحدث عني (من مات مريضاً ... ) " فقد رد على ذلك ابن الجوزي حيث قال:
" ابن جريج هو الصادق " ([158] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn158)) وقال في اللآلئ ([159] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn159)): " لا يصح، ومداره على إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وهو متروك ".
وهذا يدل على أن ابن جريج أحفظ من إبراهيم، وما حدَّث إلا ما حدثه به، فالخطأ أساساً في الحديث من جهة إبراهيم، لا من جهة ابن جريج الحافظ الأمين، والله أعلم.
5 - أخذ عليه أيضاً: روايته عن أبي بكر السبري، وهو من جملة الضعفاء، وممن اتهم بوضع الحديث.
وقد ذكر الواقدي، أنه سمع أبا بكر بن أبي سبرة يقول: " قال لي ابن جريج: أكتب لي أحاديث من أحاديثك جياداً، فكتبت له ألف حديث ودفعتها إليه، ما قرأها عليّ ولا قرأتها عليه.
قال الواقدي: ثم رأيت ابن جريج قد أدخل في كتبه أحاديث كثيرة من حديثه، يقول: حدثني أبو بكر بن عبدالله، وحدثني أبو بكر بن عبدالله – يعني ابن أبي سبرة – وكان كثير الحديث وليس بحجة " ([160] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn160)) .
وهذه راوية ضعيفة جداً لا تثبت، فالواقدي متروك كما سبق، فلا يقبل قوله في ابن جريج الثقة الحافظ.
وأبو بكر السبري رموه بالوضع، وكان عالماً ([161] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn161)) .
فلا يقبل قول أبي بكر، في ابن جريج، أنه حدثه بهذه الكمية الكبيرة من الأحاديث، ولا قول الواقدي، أنه أدخل في كتبه أحاديث كثيرة.
نعم، قد ثبت أن ابن جريج روى عنه، كما قال يحيى بن معين:
" يروي ابن جريج، عن أبي بكر السبري، وكتبه منه إملاء " ([162] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=624773#_ftn162)) .
¥