ويستفاد من حديث حذيفة أن الكفر والإيمان والإخلاص والنفاق كل بخلق الله تعالى وتقديره وإرادته , ويستفاد من قوله تعالى: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين} صحة توبة الزنديق وقبولها على ما عليه الجمهور؛ فإنها مستثناة من المنافقين من قوله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار , وقد استدل بذلك جماعة منهم أبو بكر الرازي في أحكام القرآن والله أعلم.
الفتح (8
267)
34 - زيد ابن وهب قال: كنا عند حذيفة فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية - {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} - إلا ثلاثة ولا من المنافقين إلا أربعة. فقال أعرابي: إنكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تخبروننا فلا ندري فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفساق أجل لم يبق منهم إلا أربعة أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده.
البخاري (4658)
وأخرج الحاكم عن صلة بن زفر عن حذيفة رضي الله عنه: في قوله تعالى: {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} قال: لا عهد لهم قال حذيفة: ما قوتلوا بعد.
الحاكم (2
362) وصححه ووافقه الذهبي
قال ابن حجر: والمراد بكونهم لم يقاتلوا أن قتالهم لم يقع لعدم وقوع الشرط لأن لفظ الآية {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا} فلما لم يقع منهم نكث ولا طعن لم يقاتلوا , وروى الطبري من طريق السدي قال: المراد بأئمة الكفر كفار قريش , ومن طريق الضحاك قال: أئمة الكفر رؤوس المشركين من أهل مكة.
أعلاقنا: أي نفائس أموالنا
الفتح (8
323)
35 - ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها أليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف , وقال عثمان للرهط القريشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم فافعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة , وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال ابن شهاب: وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} فألحقناها في سورتها في المصحف.
البخاري (4987) واللفظ له
قال ابن حجر: وقد وقع في رواية شعيب عند بن أبي داود والطبراني وغيرهما وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به قال: فذلك زمان حرقت المصاحف بالعراق بالنار , وفي رواية سويد بن غفلة عن علي قال: لا تقولوا لعثمان في إحراق المصاحف إلا خيرا , وفي رواية بكير بن الأشج فأمر بجمع المصاحف فأحرقها ثم بث في الأجناد التي كتب ومن طريق مصعب بن سعد قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد.
وفي رواية أبي قلابة: فلما فرغ عثمان من المصحف كتب إلى أهل الأمصار إني قد صنعت كذا وكذا ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم والمحو أعم من أن يكون بالغسل أو التحريق , وأكثر الروايات صريح في التحريق فهو الذي وقع ويحتمل وقوع كل منهما بحسب ما رأى من كان بيده شيء من ذلك.
وقد جزم عياض بأنهم غسلوها بالماء ثم أحرقوها مبالغة في إذهابها. قال ابن بطال: في هذا الحديث جواز تحريق الكتب التي فيها اسم الله بالنار , وأن ذلك إكرام لها وصون عن وطئها بالأقدام , وقد أخرج عبد الرزاق من طريق طاوس: أنه كان يحرق الرسائل التي فيها البسملة إذا اجتمعت , وكذا فعل عروة , وكرهه إبراهيم.
الفتح (9
20)
36 - عن همام عن حذيفة قال: يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا؛ فإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا
¥