تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم يقل " لا يلي إلا اثنا عشر " وإنما قال: يكون " اثنا عشر " وقد ولي هذا العدد ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم , قال: وهذا إن جعل اللفظ واقعا على كل من ولي , وإلا فيحتمل أن يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل , وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بد من تمام العدة قبل قيام الساعة , وقد قيل إنهم يكونون في زمن واحد يفترق الناس عليهم , وقد وقع في المائة الخامسة في الأندلس وحدها ستة أنفس كلهم يتسمى بالخلافة , ومعهم صاحب مصر والعباسية ببغداد إلى من كان يدعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج , قال ويعضد هذا التأويل قوله في حديث آخر في مسلم " ستكون خلفاء فيكثرون " قال: ويحتمل أن يكون المراد أن يكون " الاثنا عشر " في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة , ويؤيده قوله في بعض الطرق " كلهم تجتمع عليه الأمة " وهذا قد وجد فيمن اجتمع عليه الناس إلى أن اضطرب أمر بني أمية ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد , فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم , وهذا العدد موجود صحيح إذا اعتبر , قال: وقد يحتمل وجوها أخر , والله أعلم بمراد نبيه انتهى. والاحتمال الذي قبل هذا وهو اجتماع اثنى عشر في عصر واحد كلهم يطلب الخلافة هو الذي اختاره المهلب كما تقدم , وقد ذكرت وجه الرد عليه ولو لم يرد إلا قوله " كلهم يجتمع عليه الناس " فإن في وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق , فلا يصح أن يكون المراد , ويؤيد ما وقع عند أبي داود ما أخرجه أحمد والبزار من حديث ابن مسعود بسند حسن " أنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ " فقال: سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل " وقال ابن الجوزي: في " كشف المشكل " قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلبت مظانه وسألت عنه فلم أقع على المقصود به لأن ألفاظه مختلفة ولا أشك أن التخليط فيها من الرواة , ثم وقع لي فيه شيء وجدت الخطابي بعد ذلك قد أشار إليه , ثم وجدت كلاما لأبي الحسين بن المنادي وكلاما لغيره , فأما الوجه الأول فإنه أشار إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه وأن حكم أصحابه مرتبط بحكمه. فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم , فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية , وكأن قوله " لا يزال الدين - أي الولاية - إلى أن يلي اثنا عشر خليفة " ثم ينتقل إلى صفة أخرى أشد من الأولى , وأول بني أمية يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار وعدتهم ثلاثة عشر , ولا يعد عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير , لكونهم صحابة فإذا أسقطنا منهم مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته , أو لأنه كان متغلبا بعد أن اجتمع الناس على عبد الله بن الزبير صحت العدة , وعند خروج الخلافة من بني أمية وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى استقرت دولة بني العباس فتغيرت الأحوال عما كانت عليه تغيرا بينا , قال: ويؤيد هذا ما أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود رفعه " تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين , فإن هلكوا فسبيل من هلك , وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما " زاد الطبراني والخطابي فقالوا: سوى ما مضى؟ قال: نعم. قال الخطابي " رحى الإسلام " كناية عن الحرب شبهها بالرحى التي تطحن الحب لما يكون فيها من تلف الأرواح , والمراد بالدين في قوله " يقم لهم دينهم " الملك , قال فيشبه أن يكون إشارة إلى مدة بني أمية في الملك وانتقاله عنهم إلى بني العباس , فكان ما بين استقرار الملك لبني أمية وظهور الوهن فيه , نحو من سبعين سنة. قلت: لكن يعكر عليه أن من استقرار الملك لبني أمية عند اجتماع الناس على معاوية سنة إحدى وأربعين إلى أن زالت دولة بني أمية فقتل مروان بن محمد في أوائل سنة اثنتين وثلاثين ومائة أزيد من تسعين سنة , ثم نقل عن الخطيب أبي بكر البغدادي قوله " تدور رحى الإسلام " مثل يريد أن هذه المدة إذا انتهت حدث في الإسلام أمر عظيم يخاف بسببه على أهله الهلاك يقال للأمر إذا تغير واستحال: دارت رحاه , قال: وفي هذا إشارة إلى انتقاض مدة الخلافة , وقوله " يقم لهم دينهم " أي ملكهم وكان من وقت اجتماع الناس على معاوية إلى انتقاض ملك بني أمية نحوا من سبعين , قال ابن الجوزي: ويؤيد هذا التأويل ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير