تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال العلاَّمة الألبانيُّ ـ رحمه اللَّه ـ في تقدمته لتعليقه على ((فقه السُّنَّة)) للشيخ سيد سابق ـ رحمه اللَّه ـ[ص/39ـ40] بعدكا نقل كلام النوويِ ـ رحمه اللَّه ـ من ((المجموع شرح المهذب)) [1/ 63]: ((إنَّ لي رأياً خاصاً فيما حكاه النوويُّ عن العلماء لابد لي من الإدلاءِ به بهذه المناسبة، فأقول: إذا كان من المسلَّم به شرعاً أنَّه ينبغي مخاطبةُ الناس بما يفهمون ما أمكن، وكان الاصطلاح المذكور عن المحققين لا يعرفه أكثرُ الناسِ فهم لا يُفرِّقون بين قول القائل: ((قال رسول اللَّه ـ) وقوله: ((رُوِيَ عن رسول اللَّه ـ)) ـ لقلَّة المشتغلين بعلم السُّنَّة، فإني أرى أنه لابد من التصريح بصحة الحديث أو ضعفه دفعاً للإيهام كما يشير إلى ذلك رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ بقوله: ((دع ما يريبك إلى مالا يريبك))، رواه النسائيُّ والترمذيُّ، وهو مخرَّجٌ في ((إرواء الغليل)) (2074) وغيره)).

وقال في تقدمةِ ((غايةِ المرامِ في تخريجِ أحاديثِ الحلالِ والحرامِ)) (ص/9):

((ولئن كان بعضُ الناسِ يتساهلون فيذهبون إلى القول بأن الحديث الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال ـ وهو قولٌ مرجوحٌ عندي تبعاً لكثيرٍ من أئمَّتي ـ فلا أحد ـ وللَّه الحمد ـ يذهب إلى جواز الاحتجاج بالحديث الضعيف في الأحكام الشرعية، بل أجمعوا على أنَّه يجب أن يكون من قسم المقبول، وأدناه الحسن لغيره)).

وقال في تقدمته لـ ((صحيحِ الترغيبِ والترهيبِ)) [ص/16ـ32]:

((إنَّ من الشائع المعروف بين جمهور أهل العلم وطلابه: أنَّ الحديثَ الضعيفَ يُعمل به في فضائل الأعمال، ويعتبرون ذلك قاعدة علميَّة لا جدال فيها عندهم، وهي غير مُسلَّمةٍ على إطلاقها عند المحققين من العلماء .. فأولئك إذا بلغهم حديثٌ ضعيفٌ بادروا إلى العمل به، غير منتبهين لاحتمال كونه شديد الضعف أو موضوعاً، وحينئذ لا يجوز روايته إلا ببيان حاله والتحذير منه، فضلاً عن العمل به، فيقع المحظور الأول وزيادة كما هو ظاهر، فلو أنه بَيَّنَ لهم ذلك، لم يعملوا به ـ إن شاء اللَّه تعالى)).

ثم قال: ((ثم إنَّ القاعدةَ المزعومةَ ـ ليست على إطلاقها؛ بل هي مقيَّدةٌ في موضعين منها:

أحدهما حديثي، والآخر: فقهي:

القيدُ الحديثيُّ:

أما الحديثيُّ، فهو قولهم ((الحديث الضعيف)) فإنه مقيد ـ اتفاقاً ـ بالضعيف الذي لم يشتد ضعفُه .. كما بيَّنه الحافظُ ابنُ حجر العسقلانيُّ في رسالته: ((تبيين العجب فيما ورد في فضلِ رجبٍ)) .. ثم نقل الشيخ الألبانيُّ ـ رحمه اللَّه ـ عن السخاويِّ ـ تلميذِ الحافظِ ـ حيث أنَّ الرسالة المتقدمةَ للحافظِ لم تكن متوفِّرةً في مكتبة الشيخ آنذاك، فنقل فيها الحافظُ كلام النوويِّ ـ رحمه اللَّه ـ ثم قال: وعن ابنِ العربيِّ المالكي أنه خالف في ذلك فقال:

((إنَّ الحديثَ الضعيفَ لا يُعمل به مطلقاً)).

ثم نقل شرائطَ العملِ بالحديثِ الضعيفِ عند الحافظِ ابنِ حجر، والمعروفة لطلابِ الحديثِ.

ثم قال الشيخ ـ رحمه اللَّه ـ:

((وليس يخفى على الفطن اللبيب أن هذه الشروط توجب على أهل العلم والمعرفةِ بصحيح الحديث وسقيمه أن يميزوا للناس شيئين هامَّين:

الأول: الأحاديثُ الضَّعيفةُ من الصَّحيحةِ، لكي لا يعتقد العاملون بها ثبوتها، فيقعوا في آفة الكذب على رسول اللَّه ..

والآخر: الشديدة الضعف من غيرها لكي لا يعملوا بها؛ فيقعوا في الآفة المذكورة.

والحقُّ ـ والحقُّ أقول ـ: إنَّ القليلَ من علماءِ الحديثِ ـ فضلاً عن غيرهم ـ مَنْ له عنايةٌ تامَّةٌ ـ بالتمييز الأول، كالحافظِ المنذريِّ ـ على تساهله .. ، والحافظِ ابن حجر العسقلاني في كتبه، وتلميذِهِ الحافظِ السخاويِّ في كتابه: ((المقاصد الحسنة في بيان كثيرٍ من الأحاديث المشتهرة على الألسنةِ))، وغيرِهِم. وفي عصرنا الشيخِ أحمد شاكر ـ رحمه اللَّه ـ في تحقيقه وتعليقه على

((مسند الإمام أحمد)) وغيره، ومثلِه اليوم أقلُّ من القليلِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير