ومن المؤسف أن نرى كثيراً من العلماءِ فضلا عن العامة متساهلين بهذه الشروط فهم يعملون بالحديث دون أن يعرفوا صحته من ضعفه، وإذا عرفوا ضعفه لم يعرفوا مقداره وهل هو يسير أو شديد يمنع العمل، به ثم هم يشهرون العمل به كما لو كان حديثاً صحيحاً، ولذلك كثرت العبادات التي لا تصحُّ بين المسلمين وصرفتهم عن العبادات الصحيحة التي وردت بالأسانيد الثابتة.
ثم إنَّ هذه الشروطَ تُرَجِحُّ ما ذهبنا إليه: من أنَّ الجمهورَ لا يريد المعنى الذي رجحناه آنفا لأن هذا لا يشترط فيه شيء من هذه الشروط كما لا يخفى
ويبدو لي أن الحافظ ـ رحمه اللَّه ـ يميل إلى عدم جواز العمل بالضعيف بالمعنى المرجوح لقوله فيما تقدم: ((. . ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل إذ الكل شرع)).
وهذا حق لأن الحديث الضعيف الذي لا يوجد ما يعضده يحتمل أن يكون كذبا بل هو على الغالب كذب موضوع وقد جزم بذلك بعض العلماء فهو ممن يشمله قوله (()): ((. . يُرَى أنَّه كذبٌ)) أي يظهر أنه كذلك
ولذلك عقَّبه الحافظُ بقوله: ((فكيف بمن عمل به؟))، ويؤيد هذا ما سبق نقله عن ابن حبان في القاعدة الحادية عشرة:
((فكلُّّ شاكٍّ فيما يروي أنَّه صحيحٌ أو غيرُ صحيحٍ، داخلٌ في الخبرِ)).
فنقول كما قال الحافظ: ((فكيف بمن عمل به. .؟))
فهذا توضيحُ مرادِ الحافظِ بقوله المذكور، وأما حمله على أنه أراد الحديث الموضوع وأنه هو الذي لا فرق في العمل به في الأحكام أو الفضائل كما فعل بعض مشايخ حلب المعاصرين فبعيد جدا عن سياق كلام الحافظ إذ هو في الحديث الضعيف لا الموضوع كما لا يخفى ولا ينافي ما ذكرنا أن الحافظ ذكر الشروط للعمل بالضعيف كما ظن ذلك الشيخ لأننا نقول: إنما ذكرها الحافظ لأولئك الذين ذكر عنهم أنهم ثم إن هذه الشروط ترجح ما ذهبنا إليه من أن الجمهور لا يريد المعنى الذي رجحناه آنفا لأن هذا لا يشترط فيه شيء من هذه الشروط كما لا يخفى.
وهذا حقٌّ لأنَّ الحديثَ الضعيفَ الذي لا يوجد ما يعضده يحتمل أن يكون كذبا بل هو على الغالب كذب موضوع وقد جزم بذلك بعض العلماء فهو ممن يشمله قوله: ((. . يرى أنه كذب))، أي: يظهر أنه كذلك
ولذلك عقبه الحافظ بقوله: ((فكيف بمن عمل به؟))، ويؤيد هذا ما سبق نقله عن ابنِ حبَّان في القاعدة الحادية عشرة.
" فكل شاك فيما يروي أنه صحيح أو غير صحيح داخل في الخبر "
فنقول كما قال الحافظ: " فكيف بمن عمل به. .؟ "
فهذا توضيح مراد الحافظ بقوله المذكور وأما حمله على أنه أراد الحديث الموضوع وأنه هو الذي لا فرق في العمل به في الأحكام أو الفضائل كما فعل بعض مشايخ حلب المعاصرين فبعيد جدا عن سياق كلام الحافظ إذ هو في الحديث الضعيف لا الموضوع كما لا يخفى ولا ينافي ما ذكرنا أن الحافظ ذكر الشروط للعمل بالضعيف كما ظن ذلك الشيخ لأننا نقول: إنما ذكرها الحافظ لأولئك الذين ذكر عنهم أنهم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل ما لم تكن موضوعة فكأنه يقول لهم: إذا رأيتم ذلك فينبغي أن تتقيدوا بهذه الشروط وهذا كما فعلته أنا في هذه القاعدة والحافظ لم يصرح بأنه معهم في الجواز بهذه الشروط ولاسيما أنه أفاد في آخر كلامه أنه على خلاف ذلك كما بينا
وخلاصةُ القولِ: أنَّ العملَ بالحديثِ الضعيفِ في فضائل الأعمال لا يجوز القول به على التفسير المرجوح؛ إذ هو خلاف الأصل ولا دليل عليه، ولا بد لمن يقول به أن يلاحظ بعين الاعتبار الشروط المذكورة وأن يلتزمها في عمله، والله الموفِّق.
ثم إن من مفاسد القول المخالف لما رجحناه أنه يجر المخالفين إلى تعدي دائرة الفضائل إلى القول به في الأحكام الشرعية بل والعقائد أيضا وعندي أمثلة كثيرة على ذلك لكني أكتفي منها بمثال واحد
فهناك حديث يأمر بأنَّ يخطَّ المصلِّي ببن يديه خطا إذا لم يجد سترة ومع أنَّ البيهقيَّ والنوويَّ هما من الذين صرحوا بضعفه فقد أجازا العمل به خلافا لإمامهما الشافعي وسيأتي مناقشة قولهما في ذلك عند الكلام على الحديث المذكور)).
وقال في تقدمته لـ ((صحيح الجامع الصغير)) (1/ 49ـ52]:
¥