وفي الإكمال لابن ماكولا (2/ 415): «حزام بن حكيم بن خويلد، يحدث عن أبيه حكيم بن حزام، روى حديثه عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن زيد بن رفيع، عنه.
قال مصعب الزبيري: لم يكن لحكيم ابن يقال له حزام. وروى أبو الأحوص: سلام بن سليم، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن أبيه حديثاً في البيوع». اهـ
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 298): «حزام بن حكيم بن حزام، روى عن أبيه حكيم بن حزام، روى عنه زيد بن رفيع، سمعت أبي يقول ذلك».
قلت: أبو حاتم لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وابن حبان وحده ذكره في ثقاته (4/ 188).
كما تابع عبد الله بن محمد بن صيفي عبد الله بن عصمة أيضاً، إلا أن لفظ هاتين المتابعتين إنما هو في النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، وهي توافق لفظ عبد الله بن عصمة من رواية عطاء بن أبي رباح، ولهذا أجدني أميل إلى أن الراجح من لفظ حديث حكيم بن حزام إنما هو في النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، لما يلي:
أولاً: لأن عبد الله بن عصمة قد اختلف عليه في لفظه، والحديث واحد، والقصة واحدة، وقد رواه عن عبد الله بن عصمة عطاء بن أبي رباح وجعله في النهي عن بيع الطعام، كما رواه حزام بن حكيم وعبد الله بن محمد بن صيفي كذلك.
ثانياً: أن عبد الله بن عصمة لم يشهد له في الإتقان، فلعله تصرف في لفظه، فاللفظ الموافق لرواية غيره أولى بالقبول من اللفظ المختلف فيه.
ثالثاً: أن النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى مجمع عليه، أو هو كالمجمع عليه، وهو محفوظ من أحاديث أخرى ثابتة سنأتي على ذكرها إن شاء الله في بابها من هذا الكتاب، بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه.
رابعاً: أن ابن عباس كان إذا روى حديث النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى كان يقول: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام، فهذا ابن عباس على جلالة علمه وقدره لم يكن عنده شيء محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع غير الطعام، ولو كان فيه شيء محفوظ عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ابن عباس بحاجة إلى قياس غير الطعام على الطعام.
وقد ثبت النهي عن بيع ما ليس عند البائع دون الوصف الذي ذكره حكيم بن حزام، بقوله: الرجل يأتيني يسألني البضاعة ليست عندي ... الخ
رواه أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_edn3)).
[ وإسناده حسن] ولا أريد أن أتوجه بالكلام على تخريج حديث عبد الله بن عمرو هذا وإنما لقائل أن يقول: ما الثمرة الفقهية إذا كنا ضعفنا حديث حكيم بن حزام في لفظه: (الرجل يسألني المتاع ليس عندي ... ورجعنا نحسن حديث عبد الله بن عمرو (في النهي عن بيع ما ليس عند البائع)؟
وللجواب: نقول: الفائدة الفقهية التي يمكن أن نستفيدها من تضعيف حديث حكيم بن حزام صحة القول بجواز السلم الحال، وإن لم تكن السلعة في ملك البائع كما هو مذهب الشافعي رحمه الله.
فمن المعلوم أن الخلاف في السلم الحال انقسم العلماء فيه إلى أقوال منها:
المنع مطلقاً سواء كانت السلعة عنده أو ليست عنده، وهذا مذهب الجمهور ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_edn4)).
الجواز مطلقاً سواء كانت السلعة عنده أو ليست عنده، وهذا مذهب الشافعي ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_edn5)).
القول الثالث: اختيار ابن تيمية: جواز السلم الحال إن كانت السلعة عند البائع، ولا يجوز إن لم تكن عنده، ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_edn6)).
ولا نريد أن نعرض هنا مسألة فقهية، ودليل كل قول، ولكن الأمر الذي حمل شيخ الإسلام إلى اشتراط أن يكون السلم الحال عند البائع هو لفظ حديث حكيم بن حرام.
فقد استدل الشيخ رحمه الله بعدة أدلة، منها:
الأول: ما رواه أحمد من طريق أبي بشر، عن يوسف بن ماهك،
عن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك.
¥