تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - يحتمل ألا يكون الأمر قد استغرق أكثر من ثوان أو دقائق معدودة (وهو المتصور في مثل هذه المعجزة، لا أن القمر بقي طوال الليل منشقا، فهذا بعيد جدا!!)، فلم يطل به الوقت حتى يراه الناس جميعا ويتناقلوا الخبر به تواترا في كل البلاد!!

2 - يحتمل أن يكون قد رآه بعض آحاد الفلكيين في مراصدهم ومناظرهم الفلكية في بلاد أخرى في تلك الليلة على هذا النحو ولكنهم كذَّبوا أعينهم لشدة غرابته وخاف الواحد منهم أن يحدث به قومه فيكذبوه!!

3 - يحتمل أن يكون قد غُم على بعض البلاد التي شاركت الجزيرة العربية في ذلك الشطر من الليل في تلك الساعة، وخفي عليهم لهذا السبب!

4 - يحتمل أن يكون قد رآه من رآه من أهالي تلك البلاد - وهناك من مؤرخي الهنود من تكلم به بالفعل - ولكنهم لم يعتنوا بنقله وتوثيقه لأنه لم تكن له دلالة عقدية في دينهم!

5 - يحتمل ويحتمل ويحتمل ...

فلو قلنا يا عباد الله أنه ربما لم يره أحدٌ من الخلق أصلا في تلك الليلة إلا من أراد الله لهم أن يروه، فهل هذا ممتنع عقلا؟؟

تقولون وما الحكمة، ونقول مع أنه لا يلزم من القبول والتسليم معرفة الحكمة - كما تعلمون - إلا أنه من الممكن أن يقال بأنه لم يُرد الله تعالى أن يهلك أهل الجزيرة جميعا بجعل هذا الأمر مرئيا مشاهدا لهم كلهم، ذلك أنهم لو رأوه ثم كفروا من بعد ذلك لأهلكهم الله بهذا! فالله تعالى يقول: ((وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً)) [الإسراء: 59] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "قال سنيد عن حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: قال المشركون يا محمد إنك تزعم أنه كان قبلك أنبياء فمنهم من سخرت له الريح ومنهم من كان يحيي الموتى فإن سرك أن نؤمن بك ونصدقك فادع ربك أن يكون لنا الصفا ذهبا فأوحى الله إليه " أني قد سمعت الذي قالوا فإن شئت أن نفعل الذي قالوا فإن لم يؤمنوا نزل العذاب فإنه ليس بعد نزول الآية مناظرة وإن شئت أن نستأني بقومك استأنيت بهم قال " يا رب استأن بهم " وكذا قال قتادة وابن جريج وغيرهما وروى الإمام أحمد حدثنا عثمان بن محمد حدثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي الجبال عنهم فيزدرعوا فقيل له إن شئت أن نستأني بهم وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا فإن كفروا هلكوا كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم قال " لا بل استأن بهم " وأنزل الله تعالى " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " الآية ورواه النسائي من حديث جرير به وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عمران بن حكيم عن ابن عباس قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك قال " وتفعلون "؟ قالوا نعم قال فدعا فأتاه جبريل فقال إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة فقال " بل باب التوبة والرحمة ""

انتهى.

فلهذا اقتدت حكمة الرب جل وعلا ألا تكون رؤية الآيات على يد النبي عليه السلام عامة لكل أهل الجزيرة حتى لا يهلك أكثرهم بتكذيبها، فكانت الآيات والمعجزات لا يراها إلا من كان حاضرا لها منهم وإن عظُمت، وفي حالتنا هذه فقد جاء بعض المشركين يتحدونه عليه السلام بآية عظيمة فأراهم هم دون غيرهم ما به تقوم الحجة عليهم .. فتأمل!

وقد شهد الناس معجزات أكبر من هذا أو مثله على أيدي المرسلين وقالوا عنها هذا سحر وكفروا بها، فلا يقال هذه معجزة لو رآها الناس لآمنوا جميعا ولابد! بل لو صح هذا للزم منه ألا يروها جميعا، إذ أن الحكمة الربانية قد اقتضت أن تجري الأحداث في مكة والمدينة على نحو ما جرى لا على نحو غيره، ولو آمنوا جميعا من فورهم بسببها لكان غير ما كان، ولما ابتلى الله المؤمنين ولما زلزل قلوبهم في المشاهد والغزوات ولما خرج لنا ذلك الجيل الرباني الذي اصطُنع الإيمان في قلبه اصطناعا، فحفظ الله به الدين والبيضة وأسس به أمة راسخة الأقطار إلى قيام الساعة،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير