قال تعالى "سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون"
فذكر الشرك .. وهو عقيدة
وذكر التحريم .. وهو أحكام ..
ثم ختم بقوله"إن تتبعون إلا الظن" .. فدل أن حكاية التفريق منتفية
3 - وأما قياس شهود جريمة الزنا .. على نقل أخبار العقيدة .. فهو قياس فاسد
وإلا لرددنا أخبار أبي بكرة رضي الله عنه والحال أنه معدّل من قبل الله تعالى بكونه فردا ينتمي إلى من عدّلهم الله تعالى .. وباعتبار إجماع الصحابة والتابعين على قبول أخباره سواء بسواء كأي صحابي آخر
4 - وأما وجود آحاد شاذة .. فإنما شذت عن محفوظة .. وهذه المحفوظة .. آحاد أيضا .. في الغالب ..
5 - وأما أن القراءات المتواترة هي التي يعمل بها .. فهذه خصوصية للقرآن ..
لأنه يتعبد بتلاوته .. ولأنه كلام الله تعالى ..
لكنّ أبا بكر رضي الله عنه كان يقبل من الصحابة ما عندهم من القرآن بشاهدين عدلين .. لا غير
وقد قال الله تعالى"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"
هذه الآية أصل في الباب .. لو كانوا يفقهون
-فمناط القبول والتصديق على العدالة .. ودلت نقول أخرى على شرط الضبط والحفظ
-ثم ما القول في الأخبار التي تجمع بين العقيدة والأحكام؟ .. هل يقال نأخذ بنصفها ونترك الآخر .. ونكون أشبه بالذين جعلوا القرآن عضين
-ثم إن الله لم يحكم في الآية على رد خبر الفاسق أصلا! .. بل قال "فتبينوا" وفي قراءة "فتثبتوا" ..
فدل أن تكلف طلب التثبت في خبر الواحد السالم من القوادح .. بحجة أنه ظني .. مخالف للشرع والعقل معا
وما أشقى حال من يتعبد الله بأخبار يظنها ظنية ..
ولسان حاله يقول .. دعني أعمل بها .. فإن صحت فبها ..
وإلا فلن أخسر شيئا!
وأرى أن هذا التقسيم .. يشتمل إلى إساءة الأدب للصحابة رضوان الله عليه
فإن الحديث الذي رواه صحابي أو صحابيان .. سيكون وفق تعريفهم غير متواتر ..
وعليه فلا يكون استثناء من شرطهم الغبي ..
وهو ألا يكون مما يتصور وقوع التواطؤ على الكذب فيه
فكل تعريفاتهم .. للمتواتر .. تفضي إلى أن التواتر مقدوح فيه من أول طبقة في كثير من الآحاديث ..
لأن الصحابة الذين رووه لم يبلغوا مبلغ التواتر .. !
إنه لمن المحال أن تكون الشريعة مبنية على هذا الظن ..
وإن حاول بعض أدعياء التوسط التهوين من خطيئة ذلك بالجمع بين الأقوال ..
والله المستعان
ـ[المقدادي]ــــــــ[04 - 09 - 07, 07:34 م]ـ
قال الإمام موفق الدين ابن قدامة رحمه الله في كتابه تحريم النظر في علم الكلام (و هو رد على ابن عقيل):
وأما قوله (إن الإخبار يجب إطراحها لأنها أخبار آحاد وقد ثبت بأدلة العقول القطع بنفي التشبيه والتجسيم)
فالجواب عنه من وجهين:
أحدهما: بيان وجوب قبول هذه الأخبار لوجهين أحدهما: اتفاق الأئمة عل نقلها وروايتها وتخريجها في الصحاح والمسانيد وتدوينها في الدواوين وحكم الحفاظ المتفقين عليها بالصحة وعلى رواتها بالإتقان والعدالة فطرحها مخالف للإجماع خارج عن أهل الاتفاق فلا يلتفت إليه ولا يعرج عليه
والثاني أن رواة هذه الأخبار هم نقلة الشريعة ورواة الأحكام وعليهم
الاعتماد في بيان الحلال والحرام في الدين وإذا أبطلنا قولهم بتأويلنا وجب رد قولهم ثم فتبطل الشريعة ويذهب الدين
الجواب الثاني: أننا لا نسلم له في جميعها أنها أخبار آحاد
فإن منها ما نقل من طرق كثيرة متواطئة يصدق بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض فهي وإن لم تتواتر آحادها لكن حصل من المجموع القطع واليقين بثبوت أصلها ويكفي ذلك في التواتر
فإننا نقطع بسخاء حاتم وشجاعة علي وعدل عمر وعلم عائشة وخلافة الخلفاء الأربعة ولم ينقل إلينا فيها خبر واحد متواتر لكن تظاهرت الأخبار بها وصدق بعضها بعضا ولم يوجد لها مكذب فحصل التواتر بالمجموع كذا ههنا
وأما ما يموه به من نفي التشبيه والتجسيم فإنما هو شيء وضعه المتكلمون وأهل البدع توسلا به إلى إبطال السنن ورد الآثار والأخبار والتمويه على الجهال والأغمار ليوهموهم إنما قصدنا التنزيه ونفي التشبيه
وهذا مثل عمل الباطنية في التمسك بأهل البيت وإظهار بحثهم إيهاما للعامة أنهم قصدوا نصرهم
وإنما تستروا بهم إلى إبطال الشريعة والتمكن من عيب الصحابة والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم بنسبتهم إليهم وظلم أهل البيت والتعدي عليهم
كذلك طائفة المتكلمين والمبتدعة تمسكوا بنفي التشبيه توسلا إلى عيب أهل الآثار وإبطال الأخبار وإلا فمن أي وجه حصل التشبيه إن كان التشبيه حاصلا من المشاركة في الأسماء والألفاظ فقد شبهوا الله تعالى حيث أثبتوا له صفات من السمع والبصر والعلم والقدرة والإرادة والحياة مع المشاركة في ألفاظها ولله تسعة وتسعون اسما ليس فيها ما لا يسمى به غيره إلا اسم الله تعالى والرحمن وسائرها يسمى بها غيره سبحانه وتعالى ولم يكن ذلك تشبيها ولا تجسيما "
¥