تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يحتج بما انفرد به. وقد أعله بعضهم بيحيى بن عبد الله بن سالم وقيل أنه قد ضعفه يحيى بن معين والصواب أن يحيى بن عبد الله بن سالم مستقيم الحديث وقد وثقه يحيى بن معين وكذلك الدارقطني وقال النسائي "مستقيم الحديث" وغاية ما جرح به قال ابن حبان أنه يغرب ولكن الحديث معلول بغيره. وقد جاء أيضا ما يعضده في السنن قد رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ولكنه لا يصح أيضا فلا يصلح شاهدا له من حديث سماك بن حرب عن عكرمة عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل إنه قد رأى الهلال فقال النبي عليه الصلاة والسلام "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" قال "نعم" قال "فصامه وأمر الناس بصيامه" وهذا الخبر لا يصح وذلك لنكارة روايته عند سماك بن حرب عن عكرمة كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة كعلي بن المديني والدارقطني وأحمد العجلي وغيرهم، وسماك بن حرب في روايته عن عكرمة على ثلاثة أحوال:

أولها: ما يرويه سماك بن حرب عن عكرمة عن عبد الله بن عباس وينفرد بروايته فإنه لا يحتمل منه ذلك ومنها هذا الخبر ولهذا قد أعله عامة الأئمة وقد أعله الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى والدارقطني وكذلك ابن المديني وأحمد العجلي وغيرهم.

الحالة الثانية: ما يرويه سماك بن حرب عن عكرمة عن عبد الله بن عباس ويرويه قدماء أصحابه كشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وأبي الأحوص فإن هؤلاء إنما يحملون من حديث سماك بن حرب عن عكرمة أمثل ما يرويه وما ضبطه ولهذا يقبل ما رواه. وهذا الحديث قد خالف سفيان الثوري من رواه عن سماك بن حرب عن عكرمة فرواه سفيان الثوري عن سماك بن حرب مرسلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قد رأى الهلال وهذا الأرجح فيه رواية سفيان كما نص على ذلك النسائي والدارقطني.

والحالة الثالثة: ما يرويه سماك بن حرب عن عكرمة عن غير عبد الله بن عباس وهذا الأصل فيه الصحة ومن ذلك ما رواه النسائي والدارقطني من حديث سماك بن حرب عن عكرمة عن عائشة عليها رضوان الله تعالى أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها فقال "أعندك طعام فإني أصبحت صائما؟ " فقالت "لا" فقال "إني صائم" وهذا حديث قد صححه النسائي والدارقطني وغيرهما.

وعليه يعلم أن الأئمة عليهم رحمة الله تعالى حينما يُعلّون طريقا من الطرق قد اشتهر بروايته جملة من الأحاديث فإنهم يلحقون بهذا الطريق وقد تكون العلة بهذا الراوي المنصوص في هذا الطريق وقد تكون العلة بمن يروي عنه كما في هذه الحال فإن سماك بن حرب من روى عنه من قدماء أصحابه كشعبة وسفيان وأبي الأحوص فإن حديثه محمول على الاستقامة ومن رواه ممن جاء بعده فإن الأحاديث تكون منكرة بالجملة ومن هذا رواية داود بن حصين عن عكرمة عن عبد الله بن عباس تجد الأئمة عليهم رحمة الله تعالى يقولون أنها رواية منكرة مع أن العلة ليست في داود ولا في عكرمة وإنما لما كان هذا الإسناد يروى به جملة من الأحاديث كثيرة وكان جُلُّ هذه الأحاديث هي من طريق الضعفاء يعلقون الضعف بهذه السلسلة والضعف ليس بهؤلاء الرواة ولهذا الأئمة عليهم رحمة الله تعالى يعلون رواية داود بن حصين عن عكرمة عن عبد الله بن عباس سبب إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي شيخ الإمام الشافعي وهو متهم لأنه قد روى هذه السلسلة وانفرد بجُلِّ مروياته ولهذا الأئمة عليهم رحمة الله تعالى يعلون الأحاديث بإعلال هذا الإسناد وقد يرد هذا الإسناد من طريق آخر من غير طريق إبراهيم وهو نادرة في بضعة أحاديث وعشرات الأحاديث هي من طريق إبراهيم. ومن لا عناية له حينما ينظر في ترجمة داود بن حصين عن عكرمة عن عبد الله بن عباس يجد أن علي بن المديني والدارقطني وغيرهم يعلون رواية داود بن حصين ويقولون داود بن حصين عن عكرمة منكرة ويعلون هذا الخبر بينما نجد الأئمة قد حسنوا رواية محمد بن إسحاق عن داود بن حصين عن عكرمة عن عبد الله بن عباس باعتبار أن هذا الإعلال ليس بذات داود بن حصين أو عكرمة أو سماك بن حرب وإنما هو بمن روى عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير