تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجماعة وهذا الأمثل ولهذا قال الترمذي عليه رحمة الله تعالى لما أخرج هذا الخبر "وحديث السفيانين أصح" وقد صحح هذا الخبر أبو حاتم وغيره وأما الرباب فإنها امرأة مجهولة وقليلة الحديث لكن الأئمة عليهم رحمة الله تعالى يقبلون من رواية المجاهيل إذا كانوا من طبقة متقدمة خاصة إذا كانوا من النساء وقد ثبت عن غير واحد من الأئمة كالإمام البخاري وأبي حاتم والدارقطني وكذلك الإمام أحمد وغيرهم أنهم حسنوا جملة من الأحاديث لبعض الرواة المجاهيل لكنهم من طبقة أولى وللنساء خاصة وذلك أن غلبة الحال بالنسبة للنساء أنهن مجاهيل بخلاف الرجال فالتمكن من معرفتهم وارد بل هو الأغلب فإذا لم يعرفوا وانفردوا بشيء فإن هذا يدل على النكارة في الأغلب وأما النساء فبخلاف ذلك ولهذا يقول الذهبي عليه رحمة الله تعالى في كتابه ميزان الاعتدال لما أراد أن يترجم للنساء "ولا يعرف في النساء من اتهمت ولا من تركوها" ولهذا يقول الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله تعالى "وأكثرهن مجاهيل والضعف فيهن قليل" يعني النساء ولهذا من قرائن قبول رواية المجهول أن يكون امرأة وأن يكون متقدما وألا ينفرد بأصل وأن يكون ما يرويه مما ليس عليه الأحكام.

[الحديث الثامن عشر]

وأما البداءة بالرطب فقد جاء عند الترمذي من حديث جعفر بن سليمان عن ثابت عن انس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفطر على تمرات فإن لم يجد حس حسوات من ماء وهذا الحديث قد تفرد به جعفر بن سليمان وفيه كلام وأمثل فيه حديث سلمان بن عامر عليه رضوان الله تعالى وقد جاء حديث سلمان من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح والصواب فيه أنه من حديث سلمان بن عامر كما رجح ذلك غير واحد من الأئمة كالإمام البخاري وأبي حاتم والإمام أحمد وغيرهم من الأئمة.

وعليه يقال أنه ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإفطار هو الإفطار على تمر وأما الرطب فلا يصح فيه شيء ولكن يقال في لغة العرب إذا أطلق التمر دخل فيه جميع أنواعه سواء كان رطبا أو غيره وإذا قيل الرطب فهو التمر ما لم ييبس فإذا يبس فإنه يسمى تمرا، فعليه يقال أن الإنسان إذا أفطر على رطب أو افطر على تمر أو أفطر على بلح –وهو ما قبل الرطب- أنه لا حرج في ذلك وأنه متبع للسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعموم قوله أن النبي عليه الصلاة والسلام قال "من أفطر فليفطر على تمر فإن لم يجد فعلى ماء فإنه طهور" وهو داخل في هذا عليه الصلاة والسلام.

[الحديث التاسع عشر]

وقد جاء في تفطير الصائم بجملة من المفطرات أحاديث معلولة منها النص على التفطير بالحجامة وأمثل ما جاء فيها حديث شداد بن أوس قد رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "أفطر الحاجم والمحجوم" وقد رواه خالد الحذاء واختلف عليه فيه فرواه جماعة من أصحابه كسفيان الثوري وكذلك معمر وشعبة وغيرهم عن خالد الحذاء به فذكر فيه أبا الشعثاء وخالف في ذلك الحارث بن حسين فرواه وأسقط فيه أبا الشعثاء وذكر أبا أسماء الرحبي وخالف فيه وقد رواه أيوب بن تميم السختياني وذكر فيه أبا الأشعث عن شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أعل هذا الخبر جماعة من الأئمة باعتبار الاضطراب في إسناده وقد صححه غير واحد من الحفاظ كالإمام أحمد وكذلك علي بن المديني وابن خزيمة وغيرهم على أن هذا الخبر صحيح بل قال الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى "هذا اصح شيء جاء في هذا الباب" ولا أعلم أحدا من المتقدمين من أعل حديث شداد إلا يحيى بن معين فإنه قال "لا يصح في هذا الباب شيء" وقد سئل الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى عن قول يحيى بن معين قال "هذا الكلام مجازفة" يعني الكلام على حديث شداد بن أوس وفيه أن الأئمة النقاد –وإن كانوا من أئمة البصر النافذ في تعليل الأحاديث- لا أنه يختلف نظرهم في تصحيح الحديث وتضعيفه كما هو بين يحيى بن معين وكذلك الإمام أحمد عليه رحمة الله.

[الحديث العشرون]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير