مالك أن ينكر الحديث بهذا اللفظ الصحيح أو غيره من الأئمة. و لذلك فالقارئ
العادي يفهم من بحث الشيخ أن الإمام ينكر هذا الحديث الصحيح!
ثالثا: ساق إسناد حديث ابن عمر أكثر من مرة، و كذلك فعل بحديث أبي هريرة دون
فائدة، و ساقهما مساق المسلمات من الأحاديث و هو يعلم العلل الثلاث التي ذكرها
له ابن خزيمة لأنه في صدد الرد عليه، و مع ذلك لم يتعرض لها بذكر! بله جواب،
و كذلك يعلم ضعف ابن لهيعة الذي في حديث أبي هريرة، فلم ينبس ببنت شفة!
رابعا: نقل كلام الذهبي الذي ذكره عقب رواية المقدام، و فيه: أن هذا الحديث
لم ينفرد به ابن عجلان فقد رواه (الأرقام الآتية مني):
1 - همام عن قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة.
2 - و رواه شعيب و ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
3 - و رواه جماعة كالليث بن سعد و غيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة.
4 - و رواه شعيب أيضا و غيره عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبي هريرة
. انتهى.
و أقول: نص كلام الذهبي قبيل هذه الطرق:
" قلت: الحديث في أن الله خلق آدم على صورته ; لم ينفرد به ابن عجلان ... "
إلخ.
فأنت ترى أن كلام الذهبي في واد، و كلام الشيخ في واد آخر. فهذه الطرق
الأربعة ليس فيها زيادة " صورة الرحمن "، و الشيخ - سامحه الله - يسوقها تقوية
لها، و هو لو تأمل فيها لوجدها تدل دلالة قاطعة على نكارة هذه الزيادة، إذ لا
يعقل أن تفوت على هؤلاء و كلهم ثقات، و يحفظها مثل ابن لهيعة، و من ليس له في
العير و لا في النفير! و إني - والله - متعجب من الشيخ غاية العجب كيف يسوق
هذه الروايات نقلا عن الذهبي و هو قد ساقها لتقوية الحديث الصحيح الذي أنكره
مالك بزعم المقدام بن داود الواهي، و الشيخ - عافانا الله و إياه - يسوقها
لتقوية الحديث المنكر!
و إن مما يؤكد أن الذهبي كلامه في الحديث الصحيح و ليس في الحديث المنكر أنه
قال في آخره:
" و قال الكوسج: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا الحديث صحيح. قلت: و هو مخرج
في الصحاح ".
قلت: فقوله هذا يدلنا على أمرين:
الأول: أنه يعني الحديث الصحيح، لأنه هو المخرج في " الصحاح " كما سبق مني.
و الآخر: أنه هو المقصود بتصحيح أحمد المذكور، فلم يبق بيد الشيخ إلا تصحيح
إسحاق، فمن الممكن أن يكون ذلك فهما منه، و ليس رواية. والله أعلم.
خامسا و أخيرا: قرن الشيخ الحافظ الذهبي و العسقلاني مع أحمد و إسحاق في تصحيح
الحديث.
و جوابي عليه: أن كلام الذهبي ليس صريحا في ذلك، بل ظاهره أنه يعني الحديث
الصحيح. و أما ابن حجر فعمدة الشيخ في ذلك قوله: " رجاله ثقات " و قد علمت
مما سبق أن هذا لا يعني الصحة، و لو سلمنا جدلا أنه صححه هو أو غيره قلنا: * (
هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) *.
و خلاصة (التنبيه) أن الشيخ حفظه الله حكى قولين متعارضين في حديث " على صورة
الرحمن " دون ترجيح بينهما سوى مجرد الدعوى، و ذكر له طريقين ضعيفين منكرين
دون أن يجيب عن أسباب ضعفهما، بل أوهم أن له طرقا كثيرة يتقوى بها، و هي في
الواقع مما يؤكد وهنهما عند العارفين بهذا العلم الشريف و تراجم رواته. و هذا
بخلاف ما صنع شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه " نقض التأسيس " في فصل عقده فيه
لهذا الحديث بأحد ألفاظه الصحيحة: " إن الله خلق أدم على صورته " أرسل إلي
صورة منه بعض الأخوان جزاه الله خيرا فإن ابن تيمية مع كونه أطال الكلام في ذكر
تأويلات العلماء له و ما قالوه في مرجع ضمير " صورته "، و نقل أيضا كلام ابن
خزيمة بتمامه في تضعيف حديث الترجمة و تأويله إياه إن صح، فرد عليه التأويل،
و سلم له التضعيف، و لم يتعقبه بالرد، لأنه يعلم أن لا سبيل إلى ذلك، كما
يتبين للقارىء من هذا التخريج و التحقيق، و لهذا كنت أود للشيخ الأنصاري أن لا
يصحح الحديث، و هو ضعيف من طريقيه، و متنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة.
نسأل الله تعالى لنا و له التوفيق و السداد في القول و العمل، و أن يحشرنا في
زمرة المخلصين الصادقين * (يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب
سليم) *.
ـ[أبو تامر المصري]ــــــــ[30 - 09 - 07, 12:26 ص]ـ
أخي الكريم أبو لينا،
بارك الله فيك،
أولا وبخصوص تصحيح الحديث أو تضعيفه،
فأنت كما تفضلت وبينت أن الحديث مختلف في تصحيحه،
ولكن أن تقول أن ابن خزيمة أعرف بعلل الحديث من الامام أحمد والامام راهويه،
فهذا غير مستساغ.
ثانيا كنت أتمنى أن تجيب على وصف عبد الله بن أحمد للاسناد في كتابه بأنه ضعيف، ولقد علمنا أن رجاله رجال الصحيح،
فهل هذا جاء خطأ في النسخة مثلا أم ماذا؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[30 - 09 - 07, 01:24 ص]ـ
أ ثانيا كنت أتمنى أن تجيب على وصف عبد الله بن أحمد للاسناد في كتابه بأنه ضعيف، ولقد علمنا أن رجاله رجال الصحيح،
فهل هذا جاء خطأ في النسخة مثلا أم ماذا؟
راجع كتاب شرح التوحيد من صحيح البخاري للشيخ الغنيمان فقد ذكر تصحيح شيخ الإسلام له و رد على على العلل التي قالها ابن خزيمة فيه
اما ما جاء في النسخة فهو من صنيع المحقق لا من الإمام عبدالله رحمه الله
¥