تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من في نسخته من البخاري ذكر الزيادة دون شك، إذ من المحتمل أن الزيادة عنده في نسخته من الصحيحين على الشك فنسي الشك رحمه الله وجزم بالزيادة عندهما على حد سواء، خصوصاً أن هذه الزيادة غير مؤثرة من الناحية الفقهية وليس فيها زيادة فضل عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذ هذه الزيادة عنده مختصة بالصحابة رضي الله عنهم فهي لبيان الحال والواقع آنذاك، وسيأتي كلامه عند الكلام في فقه المسألة.

وأما ما وقع في نسخنا ومطبوعاتنا اليوم من صحيح البخاري على الجزم بهذه الزيادة؛ فهذه مسألة تحتاج إلى مزيد من التحرير ومتابعة النسخ الخطية أو متابعة من عنده اعتناء بهذا الفن ومعرفتي بالمخطوطات وما يتعلق بها ضعيف جداً، ولكن الذي يظهر لي حتى الآن والله أعلم، أن زيادة "معي" على الجزم لا تثبت في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى، وذلك لأدلة وقرائن ومنها:

1. أن النسخ الخطية مختلفة في هذا كما نبه عليه الشيخ الألباني رحمه الله في تعليقه على مختصر البخاري -وقد تقدم-، وذكر أن نسخة (أوربا)، ورواية الهروي وقعت فيها الزيادة على الشك، وإن ثبت أن هذه النسخ كلها معتمدة موثوق فيها؛ فحينئذ تكون نسخة (أوربا) فيها زيادة "أو حجة"، وهذه زيادة لاينبغي إهمالها أو التشكيك فيها، وحينئذ يكون ذكر المعية في الحديث إنما هو على الشكِّ لا الجزم.

2. أن هذا الحديث قد رواه مسلم في صحيحه عن شيخه أحمد بن عبدة الضبي عن يزيد بن زريع عن حبيب المعلم به ومع ذلك فقد وقعت فيه هذه الزيادة على الشك، وكذا رواه ابن عبدالبر في التمهيد (22/ 57) من طريق الحافظ أبوبكر البزار صاحب المسند المعروف عن شيخ مسلم أحمد بن عبدة الضبي عن يزيد بن زريع به، ومن غير ذكر الزيادة أبدا لا على الشك ولا على الجزم، فزيادة: "معي"، لاتدري من أين أتت؟ إن أردنا أن نجعل العهدة فيها على حبيب المعلم، فحبيب روى هذا الحديث عنه جعفر بن مهران السباك عند الطبراني في الكبير وليس لها ذكر في حديثه لا على الشك ولا على الجزم، وإن أردنا أن نجعل العهدة فيها على يزيد بن زريع؛ فيزيد أيضاً روى البزار عن الضبي -كما تقدم عند ابن عبدالبر- هذا الحديث عنه من غير ذكر الزيادة أصلاً، ولكن وجدت ابن الأثيرفي أسد الغابة قد أسند هذا الحديث عن أبي موسى المديني إجازة رواية محمد بن أبي بكر المقدمي عن يزيد بن زريع به مع الزيادة على الشك، وعلى هذا فالظاهر أن هذه الزيادة على الشك محفوظة من حديث يزيد بن زريع عن حبيب لاجتماع المقدمي والضبي -كما في رواية تلميذه مسلم- عليها، وهذا مما يقوي أن رواية عبدان عن يزيد بن زريع عند البخاري بالزيادة ولكن على الشك كرواية البقية، فلو كان لهذه الزيادة أصل في البخاري فإنما ستكون على سبيل الظن والشك لا الجزم؛ إذ مدار الحديث عندهما على يزيد بن زريع عن حبيب المعلم به.

3. هذا الحديث لما خرَّجه البخاري في صحيحه من حديث حبيب المعلم عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه؛ قال بعد ذلك: ((رواه ابن جريج عن عطاء سمعت ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عبيد الله عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم))، فهنا ذكر البخاري طرق الحديث وذكر اختلاف أصحاب عطاء عليه، ولم يذكر اختلاف اللفظ، فلو كان بين هذه الطرق اختلاف في اللفظ لذكره البخاري كما ذكر اختلاف السند، ونحن إذا رجعنا إلى لفظ ابن جريج عند البخاري ومسلم وغيرهما عن عطاء به؛ نجده أنه وقع من غير ذكر الزيادة أصلاً، ومثله لفظ جابر رضي الله عنه كما عند أحمد في مسنده وابن ماجه بسند صحيح -وسيأتي-.

4. قد تقدَّم في كلام الشيخ الألباني أن النووي في رياض الصالحين قد عزا الزيادة بالشك إلى المتفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنه، قلت: وكذا في المجموع، ومثله أبو عبدالله الحميدي الأندلسي في الجمع بين الصحيحين وابن الأثير في جامع الأصول وابن الملقن في خلاصة البدر المنير وابن مفلح في الفروع والمبدع، وأما المزي في تحفة الأشراف فقد عزا الحديث إلى البخاري من رواية حبيب المعلم وذكر لفظه من غير ذكر الزيادة أصلا لا بالجزم ولا بالشك، ومثله ابن حجر ذكر طريق حبيب المعلم عند البخاري من غير الزيادة أصلاً، في تغليق التعليق (3/ 133) وفي التلخيص الحبير وفي الإصابة -ترجمة أبي سنان-، وكذا قد خرَّج جماعةٌ من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير