تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ينبغي أن يقابل قوله بما حكم عليه الذهبي - في ((تلخيص المستدرك)) -، فمن بعده من أهل الشأن من إقرار لهذا التصحيح أو تعقب. كذلك القول بتحسين ما سكت عنه - احتياطاً - متعقب، بل يتتبع ويحكم عليه بما يليق بحاله كما حكاه العراقي نفسه - رحمه الله - عن ابن جماعة رحمه الله. انظر ((الباعث الحثيث)) للعلامة أحمد شاكر رحمه الله (ص26 - 27). دار الكتب العلمية).

(هذا) والحديث مروى مقطوعاً على الحكم بن عتيبة الفقيه الكوفي رحمه الله، بإسناد واه أيضاً عند عبد الرزاق (19651) عن معمر في ((جامعه)) عن أبان - وهو ابن أبي عياش - عنه أنه كان يقول: ((ثلاث من يرد الله به الخير يحفظهن، ثم لا ينسيهن: اللهم إني ضعيف فوق في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضائي)). وأبان متروك الحديث، وكان الإمام شعبة بن الحجاج رحمه الله يكذبه ويقول: ((لأن أزني أحب إلى من أن أروى، أحب إلى من أن أقول: حدثني أبان بن أبي عياش))

هذا، وكنت وقد وقفت بعد كتابة ما تقدم على حديث بريدة عند الإمام الطحاوي رحمه الله في ((مشكل الآثار)) (1/ 64 - 65) من طريقين عن مندل بن علي (وهو العنزي، أحد الضعفاء) عن العلاء بن المسيب به، وبوب عليه: (باب بيان مشكل ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اللهم قوّ في طاعتك (1) ضعفي). ثم قال عقبة: ((فتأملنا هذين الحديثين عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فوجدنا الضعف لا يكون قوة أبداً، ووجدنا القوة لا تكون ضعفاً أبداً، لأن كل واحد منهما ضد الآخر، ولا يكون الشيء ضداً لنفسه أبداً، وإنما يكون ضداً لغيره، وكان الضعيف والقوة لا يقومان بأنفسهما، إنما يكونان حالين عن أبدان الحيوان من بني آدم ومن سواهم، فيعود ما يحل فيه الضعف منهما الضعيف، وما يحل فيه القوة منهما قوياً (فعقلنا) بذلك أن دعاءه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عز وجل (كذا) أن يجعل ضعفه قوة، وإنما مراده فيه (كذا) - والله أعلم - أن يجعل ما فيه الضعف منه، وهو بدنه - قوياً، فهذا أحسن ما وجدنا في تأويل هذا الحديث، والله نسأله التوفيق)) اهـ. قلت: ثبت العرش - يا فقيه مصر ومفخرتها - ثم انقش، فإن حال أبي داود نفيع الأعمى لا يخفى


(1) كذا، وفي الروايتين اللتين أوردهما - على الجادة -: ((اللهم قوّ في رضاك ضعفي)).

على العميان! فضلاً عن إمام بصير بالأسانيد والرجال مثلك. وإذ لم يثبت الحديث، بل لم يكن ضعفه محتملاً - على مذهب الآخذين به في الفضائل -، فما كان من داع إلى إيراده في هذا الكتاب أصلاً، فضلاً عن تأويل مشكلة إلا من باب الجواب عنه على افتراض ثبوته - دفعاً لاستشكال من توهم صحته - وما أظن أحداً من أهل العلم قال بصحبته - من السابقين للإمام الطحاوي عفا الله عنها - وهنا نكتة، فإن الحاكم ولد في السنة التي توفي فيها الطحاوي (321) رحمة الله عليهما وعلى أئمة الهدى ومصابيح العلم. فلا تعلق بتصحيح الحاكم أصلاً. ثم إن الإمام محمد بن إدريس الشافعي القرشي رحمه الله، قد أنكر هذا الدعاء أصلاً - وهو من هو في بزة أئمة اللغة في زمانه حتى عدوا كلامه لغة في نفسه رحمه الله -، فقد روى البيهقي في ((مناقب الشافعي)) (2/ 116 - 117) عن الربيع بن سليمان قال: دخلت على الشافعي يوماً، وهو عليل، فقلت: كيف أصحبت يا أبا عبدالله؟ قال: أصحبت والله ضعيفاً. قال: فقلت: قوى الله ضعفك، فقال: ويحك يا ربيع، إن قوى الضعف مني قتلني. فقلت: والله - جعلت فداك - ما أردت إلا الخير، فكيف أقول؟ قال: قل: قوى الله قوتك، وأضعف ضعفك ... )) (1). فهذا الذي ينبغي اعتماده والركون إليه، فالعجب ممن يواجه بسقوط هذا الدعاء من جهة إسناده ومتنه، فيصر عليه تعللاً يرأى أحد الدكاترة الأفاضل - ممن نظنهم من الصداعين بالحق ولا نزكي على الله أحدا، وهذا التعلل من الآفات المستشرية في الساحة، نسأل الله تعالى

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير