تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَرَوَى عَنْهُ: أبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَاوِيُّ، وَأبُو الْفَضْلِ ابْنُ قُدَامَةَ الْحَاكِمُ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَأبُو مُحَمَّدٍ مَسْعُودُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ، وأَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْعَطَّارِ، وَأبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ، وَأبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، وَأبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَّاءِ الْحَرَّانِيُّ، وَالْعَلَمُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْزَالِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.

وَإِلَيْهِ انْتَهَتْ رِئَاسَةُ الْمَذْهَبِ فِي عَصْرِهِ، وَكَانَ عَدِيْمَ النَّظِيْرِ عِلْمَاً وَعَمَلاً وَزُهْدَاً، وَتَوَلَّى الْقَضَاءَ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَيْهِ رِزْقَاً، ثُمَّ تَرَكَهُ.

وَذَكَرَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنْ شَيْخِ الْمَالِكِيَّةِ أَبِي إِسْحَاقَ اللَّوْزِيِّ أنَّهُ قَالَ: «كَانَ شَيْخُنَا شَيْخُ الإِسْلامِ شَمْسُ الدِّينِ قُدْوَةَ الأَنَامِ، حَسَنَةَ الأَيَّامِ، مِمَّنْ تَفْتَخِرُ بِهِ دِمَشْقُ عَلَى سَائِرِ الْبِلْدَانِ، بَلْ يَزْهُو بِهِ عَصْرُهُ عَلَى مُتَقَدَّمِ الْعُصُورِ وَالأَزْمَانِ، لِمَا جَمَعَ اللهُ لَهْ مِن الْمَنَاقِبِ وَالْفَضَائِلِ، الَّتِي أَوْجَبَتْ لِلأَوَاخِرِ الافْتِخَارَ عَلَى الأَوَائِلِ، مِنْهَا: التَّوَاضُعُ مَعَ عَظَمَتِهِ فِي الصُّدُورِ، وَتَرْكُ التَّنَازُعِ فِيمَا يُفْضِي إِلَى التَّشَاجُرِ وَالنُّفُورِ، وَالاقْتِصَادُ فِي كُلِّ مَا يَتَعَاطَاهُ مِنْ جَمِيعِ الأُمُورِ، لا عَجْرَفَةَ فِي كَلامِهِ وَلا تَقَعُّرَ، وَلا تَعَظُّمَ فِي مِشْيَتِهِ وَلا تَبَخْتُرَ، وَلا شَطَطَ فِي مَلْبَسِهِ وَلا تَكَثُّرَ، وَمَعَ هَذَا فَكَانَتْ لَهُ صُدُورُ الْمَجَالِسِ وَالْمَحَافِلِ، وَإِلَى قَوْلِهِ الْمُنْتَهَي فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ، مَعَ مَا أَمَدَّهُ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ سَعَةِ الْعِلْمِ، وَفَطَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّأْفَةِ وَالْحِلْمِ، وَكَانَ لا يُوَفِّرُ جَانِبَهُ عَمَّنْ قَصَدَهُ، قَرِيبَاً كَانَ أَوْ أَجْنَبِيَّاً، وَلا يَدَّخِرُ شَفَاعَتَهُ عَمَّنْ اعْتَمَدَهُ، مُسْلِمَاً كَانَ أَوْ ذِمِّيَّاً، يَنْتَابُ بَابَهُ الأُمَرَاءُ وَالْمُلُوكُ، فَيُسَاوِي فِي إِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمَمْلُوكِ» اهـ.

وتُوفِّي لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ سَلْخَ رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ عِنْدَ وَالِدِهِ أَبِي عُمَرَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ مَشْهُودَةً، حَضَرَهَا أُمَمٌ لا يُحْصَى عَدِيدُهَا، وَلا يُنَادَى وَلِيدُهَا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا مِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ.

قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: وَرَأَيْتُ وَفَاةَ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ بِخَطِّ شَيْخِنَا شَيْخِ الإِسْلامِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَالَ: «تُوفِّي شَيْخُنَا الإِمَامُ، سَيِّدُ أَهْلِ الإِسْلامِ فِي زَمَانِهِ، وَقُطْبُ فَلَكِ الأَنَامِ فِي أَوَانِهِ، وَحِيدُ الزِّمَانِ حَقَّاً حَقَّاً، وَفَرِيدُ الْعَصْرِ صِدْقَاً صِدْقَاً، الْجَامِعُ لأَنْوَاعِ الْمَحَاسِنِ، وَالْمُعَافَي الْبَرِيءُ عَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَالْمَسَاوِئِ، الْقَارِنُ بَيْنَ خَلْتَيْ الْعِلْمِ وَالْحِلْمِ، وَالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ، وَالْعَقْلِ وَالْفَضْلِ، وَالْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، ذِي الأَخْلاقِ الزَّكِيَّةِ، وَالأَعْمَالِ الْمَرْضِيَّةِ، مَعَ سَلامَةِ الصَّدْرِ وَالطَّبْعِ، وَاللُّطْفِ وَالرِّفْقِ، وَحُسْنِ النِّيَّةِ، وَطِيْبِ الطَّوِيَّةِ، حَتَّى إِنْ كَانَ الْمُتَعَنِّتُ لَيَطْلُبُ لَهُ عَيْبَاً فَيَعُوزُهُ - إِلَى أَنْ قَالَ: وَبَكَتْ عَلَيْهِ الْعُيُونُ بِأَسْرِهَا، وَعَمَّ مُصَابُهُ جَمِيعَ الطَّوِائِفِ، وَسَائِرَ الْفِرَقِ. فَأَيُّ دَمْعٍ مَا انْسَجَمَ، وَأَيُّ أَصْلٍ مَا جُذِمَ، وَأَيُّ رَكُنٍ مَا هُدِمَ، وَأَيُّ فَضْلٍ مَا عُدِمَ!،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير