فَيَا لَهُ مِنْ خَطْبٍ مَا أَعْظَمَهُ، وَأَجَلٍ مَا أَقْدَرَهُ، وَمُصَابٍ مَا أَقْحَمَهُ!. وَأَكْبَرَ ذِكْرَهُ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ أَوْحَدَ الْعَصْرِ فِي أَنْوَاعِ الْفَضَائِلِ، بَلْ هَذَا حُكْمٌ مُسَلَّمٌ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ. وَكَانَ مُصَابُهُ أَجَلَّ مِنْ أَنْ تُحِيطَ بِهِ الْعِبَارَةُ، فَرَحِمَهُ اللهُ وَرَضِىَ عَنْهُ، وَأَسْكَنَهُ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِهِ» اهـ.
وَقَدْ رَثَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ نَحْوُ ثَلاثِينَ شَاعِرَاً، مِنْهُمْ شِهَابُ الدِّينِ مَحْمُودٌ فَقَالَ [مِنْ بَحْرِ الْكَامِلِ]:
مَا لِلْوُجُودِ وَقَدْ عَلاهُ ظَلامُ ... أَعَرَاهُ خَطْبٌ أَمْ عَدَاهُ مَرَامُ
أَمْ قَدْ أُصِيبَ بِشَمْسِهِ فَغَدَا وَقَدْ ... لَبَسَتْ عَلَيْهِ حِدَادَهَا الأَيَّامُ
لَمْ أَدْرِ هَلْ نَبَذَ الظَّلامُ نُجُومَهُ ... أَمْ حُلِّ لِلْفَلَكِ الأَثِيْرِ نِظَامُ
فَلَقَدْ تَنَكَّرَتِ الْمَعَالِمُ وَاسْتَوَى ... فِي نَاظِرِي الإِشْرَاقُ وَالإِظْلامُ
وَذَهَلْتُ حَتَّى خِلْتُ أَنَّي لَيْسَ لِي ... بَعْدَ الْفِرَاقِ سِوَى الدُّمُوعِ كَلامُ
أَوْ مَا دَرَى صَرْفُ الرَّدَى لَمَّا رَمَى ... أَنَّ الْمُصَابَ بِسَهْمِهِ الإِسْلامُ
أَوْ أَنَّهُ مَا خُصِّ بِالسَّهْمِ الَّذِي ... أَصْمَى بِهِ دُونَ الْعِرَاقِ الشَّامُ
سَهْمٌ تَقَصَّدَ وَاحِدَاً فَغَدَا وَفِي ... كُلِّ الْقُلُوبِ لِوَقْعِهِ آلامُ
مَا خِلْتُ أَنَّ يَدَّ الْمَنُونِ لَهَا عَلَى ... شَمْسِ الْمَعَارِفِ وَالْهُدَى إِقْدَامُ
وَتَبِينُ لِلسَّارِي أَسِرَّةُ فَضْلِهِ ... فَكَأَنَّمَا هِيَ لِلْهُدَى أَعْلامُ
مَا خِلْتُ أَنَّ الدِّينَ لَوْلا فَقْدَهُ ... فِيمَنْ يُرَوَّعُ سِرْبُهُ وَيُضَامُ
كَانَتْ تَطِيْبُ لَنَا الْحَيَاةُ بِأُنْسِهِ ... وَبِقُرْبِهِ فَعَلَى الْحَيَاةِ سَلامُ
كَانَتْ لَيَالِينَا بِطِيْبِ بَقَائِهِ ... فِينَا تُضِيءُ كَأَنَّهَا أَيَّامُ
كَانَتْ بِهِ تُرْوَى الْقُلُوبُ وَتَنْتَشِي ... وَلَهَا إِلَيْهِ تَعَطُّشٌ وَأَوَامُ
مَنْ لِلْعُلُومِ وَقَدْ عَلَتْ وَغَلَتْ بِهِ ... أَضْحَتْ تسامي بَعْدَهُ وَتُسَامُ
مَنْ لِلْحَدِيثِ وَكَانَ حَافِظَ سِرِّهِ ... مِنْ أَنْ يُضَمَّ إِلَى الصِّحَاحِ سِقَامُ
وَلَهُ إِذَا ذُكِرَ الْعُلُومُ مَرَاتِبٌ ... تَسْمُو فَتَقْصُرُ دُونَهَا الأَوْهَامُ
يَرْوِي فَيَرْوِي كُلَّ ذِي ظَمَأٍ لَهُ ... بِحِمَى الْحَدِيثِ تَعَلُّقٌ وَغَرَامُ
بِبَدِيهَةٍ فِي الْعِلْمِ يُقْسِمُ مَنْ رَأَى ... ذَاكَ التَّسَرُّعَ أَنَّهَا إِلْهَامُ
مَنْ لِلْقَضَايَا الْمُشْكَلاتِ إِذَا نَبَتْ ... عَنْهَا الْعُقُولُ وَحَارَتِ الأَفْهَامُ
هَلْ لِلْفَتَاوَى مَنْ إِذَا وَافِى بِهَا ... قُضِيَ الْقَضَاءُ وَجَفَّتِ الأَقْلامُ
مَنْ لِلْمَنَابِرِ وَهْوَ فَارِسُهَا الَّذِي ... تَحْيَي الْقُلُوبُ بِهِ وَهُنَّ رِمَامُ
وَلَهُ إِذَا أَمَّ الدُّرُوسَ مَوَاقِفٌ ... مَشْهُودَةٌ مَا نَالَهُنَّ إِمَامُ وَهِيَ طَوِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ.
تَرْجَمَتُهُ: الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ لابْنِ كَثِيْرٍ (13/ 354)، وَتَارِيْخُ الإسْلامِ لِلذَّهَبِيُّ (51/ 106_113)، وَالْعِبَرُ فِي خَبَرِ مَنْ عَبَرَ (5/ 338)، وَذَيْلُ طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ لابْنِ رَجَبٍ (2/ 304)، وَفَوَاتُ الْوَفَيَاتِ لابْنِ شَاكِرٍ الْكتبِيِّ (2/ 292)، وَالْمَنْهَلُ الصَّافِِي وَالْمُسْتَوْفِي بَعْدَ الْوَافِي لابْنِ تَغْرِي بَرْدِي (التَّرْجَمَةُ 1398)، وَالنُّجُومُ الزَّاهِرَةُ فِي مُلُوكِ مِصْرَ وَالْقَاهِرَةِ (7/ 358)، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ لابْنِ الْعِمَادِ (5/ 376).
وَتَأتِي الْبَقِيَّةُ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ.
ـ[أبوالأشبال السكندرى]ــــــــ[27 - 10 - 07, 04:03 ص]ـ
أكمل لا عدمنا فوائدك
متعك الله بالصحة والعافية
ـ[الدارقطني]ــــــــ[27 - 10 - 07, 02:56 م]ـ
الشيخ الجليل النبيل أبو محمد الألفي، متعك الله بالعافية والصحة، جزاك الله الخير أينما كنت.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:42 م]ـ
بارك الله فيكم، ونحن بانتظار المزيد من فوائدكم
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[28 - 10 - 07, 08:37 ص]ـ
** الشيخ الجليل النبيل أبو محمد الألفي
** متعك الله بالعافية والصحة، جزاك الله الخير أينما كنت.
الشَّيْخَ الْوَدُودَ / الدَّارَقُطْنِيَّ
سَلَّمَكُمْ اللهُ وَحَيَّاكُمْ. وَحَفِظَ دِينَكُمْ وَدُنْيَاكُمْ. وَقَرَنَ بِالْقَبُولِ دُعَاكُمْ.
وَوَجَّهَ إِلَيْكُمْ وُفُودَ التَّهَانِي. وَحَقَّقَ لَكُمْ بِمَزِيدِ الْخَيْرِ الْمُنَى وَالأَمَانِي.
وَأَمَدَّكُمْ مِنَ الْفَضَائِلِ بِالْمَزِيدِ. وَمِنَ الأَجَلِ بِالْعُمُرِ الْمَدِيدِ.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[28 - 10 - 07, 08:48 ص]ـ
بارك الله فيكم، ونحن بانتظار المزيد من فوائدكم
الْحَبِيبَ الْمُوَفَّقَ / صَالِحَ الْعقلَ.
بَارَكَ اللهُ فِيكَ. وَرَزَقَنَا وَإيَّاكَ السَّدَادَ وَالتَّوْفِيقَ
¥