تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَقَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: «وَسَأَلْتُ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ الْحَافِظَ عَنْهُ، فَقَالَ: شَيْخٌ جَلِيلٌ نَبِيلٌ، مِنْ أَكْبَرِ بُيُوتَاتِ الدِّمَشْقِيِّينَ، سَمِعْنَا مِنْهُ ((مُسْنَدَ أَحْمَدَ»، وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْمُرُوءَاتِ، دَائِمَ الْبِشْرِ، حَسَنَ الْخُلُقِ، مُحِبَّاً لأَهْلِ الْحَدِيثِ، سَهْلاً فِي الرِّوَايَةِ».

وَقَالَ الْيُونِينِيُّ: «حَكَى لِيَ الشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: كُنْتُ بِدِمَشْقَ فِي عِيدِ النَّحْرِ، وَمَعِيَ جَمَاعَةٌ مِنْ بَعْلَبَكَ فَوْقَ الْعَشَرَةِ، فَصَلِّيْنَا فِي صَحْنِ جَامِعِ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلاةَ صَادَفْنَا شَمْسُ الدِّيِن ابْنُ عَلاَّنَ، فَدَعَانَا إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا حَضَرْنَا مَنْزِلَهُ، وَجَدْنَا مِنَ الأَطْعِمَةِ الْفَاخِرَةِ وَالْحَلْوَى مَا لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الأَكْلِ، أَمَرَ بِإِحْضَارِ غَنَمٍ عَلَى عَدَدِنَا، فَأُحْضِرَتْ، وَقَالَ: تَضَحُّوا عَلَى هَذِهِ، فَامْتَنَعْنَا، فَحَلَفَ أَنَّهُ لابُدَ مِنْ أَخْذِهَا، فَسُقْنَاهَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُنَّا بِهِ، وَتَصَرَّفْنَا فِيهَا.

وَحَكَى لِي نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ قرقِينَ رَحِمَهُ اللهُ: أَنَّهُ اشْتَرَى تِبْنَ بَعْضِ الْقُرَى الْكِبَارِ، وأظنها عذراء بِمَبْلَغِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَانَ فِي مُشْتَرَاهُ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ مَعِيَ مِنَ الثَّمَنِ إِلاَّ مِقْدَارٌ يَسِيْرٌ جِدَّاً، فَصَادَفْتُهُ فِي الطَّرِيقِ، فَتَسَالَمْنَا، وَسَأَلَنِي عَنْ قَصْدِي، فَحَكَيْتُ لَهُ الأَمْرَ، وَأَنَّنِي أَسْعَى إِلَى مَنْ أَسْتَدِينُ مِنْهُ ذَلِكَ، فَأَخَذَنِي إِلَى دَارِهِ، وَأَعْطَانِيَ الْمَبْلَغَ بِكَمَالِهِ، وَاشْتَرِيْتُ التِّبْنَ، وَتَوَقَّفَ بَيْعُهُ، وَكَانَ الشَّيْخُ يَلْقَانِي وَلا يَذْكُرُ الدَّرَاهِمَ، فَشَرَعْتُ لَهُ مَرَّةً فِي الاعْتِذَارِ عَنِ التَّأْخِيرِ، فَقَالَ: وَاللهِ؛ مَالِي عَزْمٌ أَنْ آخُذَهَا بِالْكُلِيَّةِ، وَاتَّفَقَ بَيْعُ التِّبْنِ بَعْدُ، وَكَسَبْتُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ ثَمَنِهِ، وَأَحْضَرْتُ لَهُ الدَّرَاهِمَ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهَا، فَحَلَفْتُ أَنَّهُ لابُدَّ مِنْ أَخْذِهَا، فَأَخَذَهَا، وَهُوَ كَارِهٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى».

وَتُوفِّى بِدِمَشْقَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ خَامِسَ وَعِشْرِينَ ذِى الْحَجَّةِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

تَرْجَمَتُهُ: ذَيْلُ مِرْآةِ الزَّمَانِ لِلْيُونِينِيِّ (2/ 53)، وَتَارِيْخُ الإسْلامِ لِلذَّهَبِيُّ (50/ 373_374)، وَالْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ لابْنِ كَثِيْرٍ (13/ 349)، وَالنُّجُومُ الزَّاهِرَةُ فِي مُلُوكِ مِصْرَ وَالْقَاهِرَةِ، وَشَذَرَاتُ الذَّهَبِ لابْنِ الْعِمَادِ (5/ 368).

ـــ هَامِشٌ ـــ

(1) الأَرْيَحِيُّ: الْوَاسِعُ الْخُلُقِ، الْمُنْبَسِطُ إِلَى الْمَعْرُوفِ. وَعَنِ اللِّيثِ: هُوَ مِنْ رَاحَ يَرَاحُ، كَمَا يُقَالُ لِلصَّلْتِ الْمُنْصَلِتِ: الأَصْلَتِيُّ، وَلِلمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيُّ. وَالْعَرْبُ تَحْمِلُ كَثِيْرَاً مِنَ النَّعْتِ عَلَى أَفْعَليِّ فَيَصِيْرُ كَأَنّه نِسْبَةٌ. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: الْعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ أَجْنَبُ وَجَانِبٌ وجُنُبٌ، وَلا تَكَادُ تَقُولُ: أَجْنَبِيٌّ. وَرَجُلٌ أَرْيَحِيٌّ: مُهْتزٌّ لِلنَّدَى وَالْمَعْرُوفِ وَالعَطيَّةِ، وَاسِعُ الْخُلُقِ. وَأَخَذَتْهُ أَرْيَحِيَّةُ: أَي خِفَّةٌ وَهَشَّةٌ. وَزَعَمَ الْفَارِسِيُّ: أَنْ يَاءَ أَرْيَحِيَّةٍ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ. وَعَنِ الأًصْمَعِيِّ: يُقَالُ: فُلانٌ يَرَاحُ لِلْمَعْرُوفِ: إِذَا أَخَذَتْهُ أَرْيَحِيَّةٌ وَخِفَّةٌ.

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[29 - 10 - 07, 04:42 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير