فالراجح عن إسرائيل: روايته بإسقاط ابن عباس، وهو ما رجحه الدارقطني، قال: " ... لم يذكر فيه ابنَ عباس، وهو الصواب عن إسرائيل " (21).
ج- أبو الأحوص سلام بن سليم، وهو من الثقات المتقنين (22)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه عن أبي إسحاق على هذا الوجه (بذكر ابن عباس):
* بقية بن الوليد، وعنه ابن مصفى، وكلاهما مدلسان (23)، والرواية عنهما معلقة، علقها ابن أبي حاتم، وقال الدارقطني: " ذكر أبو محمد بن صاعد ولم أسمعه منه عن محمد بن عوف عن محمد بن مصفى عن بقية ... " (24) فذكره.
* ومسدد بن مسرهد، وهو من الأئمة الحفاظ، والإسناد إليه صحيح (25).
- ورواه عن أبي الأحوص على الوجه الثاني (بإسقاط ابن عباس):
* سعيد بن منصور، وسعيد من الثقات الأثبات (26)،
* وعفان بن مسلم، وهو من الثقات الأثبات أيضًا (27)،
* وإسحاق بن عيسى الطباع، وهو ثقة (28)،
* وأبو بكر بن أبي شيبة،
* وأخوه عثمان بن أبي شيبة،
* وخلف بن هشام، وهو ثقة (29)،
* والعباس بن الوليد النرسي، وهو ثقة (30)،
وكل من سبق رواياتهم في مصنفاتهم أو رواها عنهم أئمة مصنفون،
* وعمرو بن عون، وهو من الثقات الأثبات (31)، والإسناد إليه صحيح،
* وعبد الله بن الجراح، وهو من الصدوقين (32)، وعنه أبو العباس السراج، وهو من الحفاظ المصنفين، وأخرجه من طريقه ابن عساكر، ولعله في أحد مصنفات السراج، ولم أجده في مسنده.
فاجتمع هؤلاء ما بين ثقة حافظ وثقة ثبت وثقة وصدوق على رواية الحديث عن أبي الأحوص بإسقاط ابن عباس.
وروايتهم أقوى من رواية بقية ومسدد - إن صحت عنهما -، فإن في تلك مخالفة الأكثر من الأثبات، وسلوك الجادة.
ولذا فقد رجّح روايةَ الجماعة أبو حاتم الرازي، قال له ابنه: روى بقية عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس عن أبي بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " هذا خطأ، ليس فيه ابن عباس " (33).
د- يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو صدوق يهم قليلاً (34)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس): النضر بن شميل، وهو ثقة ثبت (35)،
- ورواه عنه بإسقاط ابن عباس: القاسم بن الحكم العرني، وهو صدوق له أخطاء (36)،
- ورواه عنه الحسن بن قتيبة بإسقاط ابن عباس أيضًا، إلا أنه جعل علقمة بدل عكرمة، والحسن هذا متروك (37)، ولا اعتداد بروايته.
وقد ذكر الدارقطني رواية النضر ومن رواه عن إسرائيل وزهير كذلك (بإثبات ابن عباس)، ثم قال: " وخالفهم أصحاب إسرائيل عن إسرائيل، وأصحاب زهير عن زهير، والقاسم بن الحكم العرني عن يونس بن أبي إسحاق ... " (38).
ولا يبعد أن يكون هذا الاختلاف من يونس نفسه، لأن الإمام أحمد ذكر أن حديثه مضطرب (39)، ويؤيده ما يأتي من كلام الترمذي على الرواية عن أبي إسحاق بإثبات ابن عباس.
هـ- زهير بن معاوية، وهو ثقة ثبت، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة (40)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه الحسن بن محمد بن أعين على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس)، والحسن صدوق (41)، وعنه أبان بن عبد الله بن كردوس الحراني، ولم أجد لأبان هذا ترجمة، وقد علق الدارقطني بعقب روايته متابعةً له، فقال: " تابعه حسين بن أبي السري عن الحسن بن محمد بن أعين " (42)، وابن أبي السري هذا - فيما لو صحت الرواية عنه - متهم بالكذب (43).
- ورواه أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني عن زهير بإسقاط ابن عباس، وأحمد ثقة حافظ (44)، والإسناد إليه صحيح.
فالرواية بإسقاط ابن عباس هي الراجحة عن زهير.
و- أبو بكر بن عياش، وهو صدوق، وفيه خلاف كثير (45)، وقد اختُلف عليه:
- فرواه عنه طاهر بن أبي أحمد الزبيري، وهذا ترجمه ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً (46)، وترجمه ابن حبان في الثقات وقال: " مستقيم الحديث " (47)، وقد اختُلف عن طاهر:
* فرواه عنه عبد الكريم بن الهيثم على هذا الوجه (بإثبات ابن عباس)، وعبد الكريم ثقة حافظ (48)، والإسناد عنه صحيح،
* ورواه عنه إبراهيم بن إسحاق الصواف، وهذا ذكره ابن حبان في الثقات (49)، ولم أجد له ترجمة في مكان آخر،
- ورواه عن أبي بكر بن عياش أحمد بن محمد بن أيوب على الوجه الثاني (بإسقاط ابن عباس)، وأحمد بن محمد بن أيوب صدوق، وتُكُلّم فيه، خاصةً روايته عن أبي بكر بن عياش (50)،
¥