تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لَهُمْ: إِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ بُنْيَانِ الْحَائِطَيْنِ كَبَسْتُمُوهُ بِالتُّرَابِ، حَتَّى يَسْتَوِيَ الْكَبْسُ مَعَ حِيطَانِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَرَضْتُمْ عَلَى الْمُوسِعِ قَدْرَهُ، وَعَلَى الْمُعْسِرِ قَدْرَهُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقَطَعْتُمُوهُ مِثْلَ قُلامَةِ الظُّفُرِ، ثُمَّ خَلَطْتُمُوهُ بِذَلِكَ الْكَبْسِ، وَعَمِلْتُمْ لَهُ خَشَبَاً مِنْ نُحَاسٍ تُذِيبُونَ ذَلِكَ، وَأَنْتُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنَ الْعَمَلِ كَيْفَ شِئْتُمْ عَلَى أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ، فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ عَمِلْتُمْ طُولَ كُلِّ خَشَبَةٍ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ذِرَاعَاً لِلْحَائِطَيْنِ مِنْهَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعَاً وَمِائَتَا ذِرَاعٍ لِمَا بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ، لِكُلِّ حَائِطٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ ذِرَاعَاً، ثُمَّ تَدْعُونَ الْمَسَاكِينَ لِنَهْبِ ذَلِكَ التُّرَابِ، فَيُسَارِعُونَ إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَمَنْ حَمَلَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ، فَأَخْرَجَ الْمَسَاكِينُ ذَلِكَ التُّرَابَ، وَقَدْ اسْتَقَلَّ السَّقْفُ بِمَا فِيهِ، وَاسْتَغْنَى الْمَسَاكِينُ، فَجَنَّدَهُمْ أَرْبَعِينَ أَلْفَاً، وَهُمْ أَوَّلُ جُنْدٍ اتَّبَعَهُ، وَجَعَلَهُمْ أَرْبَعَةَ أَجْنَادٍ، فِي كُلِّ جُنْدٍ عَشَرَةُ آلافٍ، ثُمَّ سَيَّرَهُمْ فِي الْبِلادِ، وَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْمَسِيرِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ وَأَهْلُ مَدِينَتِهِ، فَقَالُوا: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، إِنَّا نَنْشُدُكَ بِاللهِ لا تُؤْثِرُ عَلَيْنَا بِنَفْسِكَ غَيْرَنَا وَنَحْنُ ثَرْوَتُكَ، وَفِينَا كَانَ مَسْقَطُ رَأْسِكَ، وَنَشَأْتَ وُرُبِّيتَ، وَهَذِهِ أَمْوَالُنَا وَأَنْفُسُنَا، فَأَنْتَ الْحَكَمُ فِينَا، وَهَذِهِ أُمُّكَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ وَهِيَ أَعْظَمُ الرَّأْيِ لِرَأْيِكُمْ، وَلَكِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْمَأْخُوذِ بِقَلْبِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَيَرْفَعُ مِنْ خَلْقِهِ قَدَمًا لا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَلا مَا يُرَادُ بِهِ، وَلَكِنْ هَلُمَّ مَعْشَرَ قَوْمِي، فَادْخُلُوا هَذَا الْمَسْجِدَ، فَأَسْلِمُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِكُمْ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَخَافُوا عَلِيَّ فَتَهْلِكُوا، ثُمَّ دَعَا دِهْقَانَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ: عَمِّرْ مَسْجِدِي هَذَا، وَعَزِّ عَنِّي أُمِّي، فَكَانَ مِمَّا تَخَلَّفَهُ الدِّهْقَانُ بِهِ، أَنَّهُ لَمَّا رَأَى شِدَّةَ وَجْدِ أُمِّهِ، وَطُولَ بُكَائِهَا، احْتَالَ لَهَا لِيُعَزِّيَهَا مَا أَصَابَ النَّاسَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْبَلايَا، فَأَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يُبْرِئْ أَحَدَاً مِنَ الْبَلايَا وَالْمَصَائِبِ، وَالْفَجْعَاتِ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا، ثُمَّ إِنَّهُ صَنَعَ عِيدَاً عَظِيمَاً، وَكَانَ مِنْهُ حِيلَةً لَهَا، ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ فُلانَاً الدِّهْقَانَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَحْضُرُوا عِيدَهُ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَحْضُرَهُ فِيهِ النَّاسُ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ فُلانَاً الدِّهْقَانُ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ لِتَحْضُرُوا عِيدَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَأَسْرِعُوا إِلَيْهِ، وَاحْذَرُوا أَنْ يَحْضُرَهُ إِلاَّ رَجُلٌ عَرِيَ عَنِ الْمَصَائِبِ وَالْبَلايَا وَالْفَجْعَاتِ، فَلَمَّا فَعَلَ هَذَا لَمْ يَدْرِ النَّاسُ عَلَى مَا يَضَعُونَ أَمْرَهُ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ أَنْفَقَ، فَعَظُمَتْ نَفَقَتُهُ، ثُمَّ نَدِمَ، وَأَدْرَكَهُ الْبُخْلُ، فَتَدَارَكَ أَمْرَهُ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ أَنْ يُخْلُوهُ، وَقَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي عَرِيَ مِنَ الْبَلايَا؟، أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي لَمْ يُفْجَعْ، وَتُصِبْهُ الْمَصَائِبُ؟، فَإِنَّ أَهْوَنَ النَّاسِ مُصِيبَةً لأَهْلِ الْمَوْتِ، لأَنَّهُ أَمْرٌ شَامِلٌ كَتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير