تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي المجروحين لابن حبان (2/ 177): سمعت مكحولا يقول: سمعت جعفر بن أبان يقول: ابن نصير يقول قال لي أبو خالد الأحمر قال لي الكلبي: قال لي عطية كنيتك بأبي سعيد قال: فأنا أقول حدثنا أبو سعيد. ا ه*.

فأنت أيها القارئ المنصف إذا نظرت بعين الناقد المتجرد تجد أن أحمد قد ضعف عطية العوفي ثم ذكر مستنده في تضعيفه وهي حكاية الكلبي وهي سبب كلام هشيم في عطية، وحكى أحمد تضعيف الثوري لعطية بعد أن أسند البلاغ من طريق الثوري، فحكاية الكلبي هي أصل مستند الثوري أيضا في تضعيفه عطية العوفي.

وقد أدخله ابن حبان في المجروحين (2/ 176) اعتمادا على كلام الكلبي ولم يذكر شيئا آخر يتكئ عليه إلا هذه الحكاية ولم تفته المبالغة في الجرح كعادته رحمه الله تعالى.

وهذا الذي اعتمدوا عليه فيه نظر ولا يصح سنده، لأن مداره على محمد بن السائب الكلبي وحاله معروف فهو تالف متهم بالكذب، فالسند الذي يكون فيه ذلك الرجل لا ينظر إليه ولا يعتمد عليه في شئ، ومع ذلك فقد سارت الركبان بمقولته التالفة وتوارد البعض على حكايتها، والكمال لله تعالى والمعصوم هو رسوله صلى الله عليه وسلم.

وإن تعجبت من اعتماد البعض على هذه الرواية الساقطة في رمي عطية العوفي بتدليس الشيوخ فأعجب أكثر لتوارد الكثير على هذا الجرح المردود، فصار هؤلاء خلف المعتمدين على هذه الرواية الساقطة تقليدا لا غير، ومع كون قولهم جاء عاريا عن الدليل فإنهم لم يذكروا ما يؤيد دعواهم ويقيم صلب مستندهم ولو وجدوا شيئا لذكروه خاصة المتأخرين منهم، ولما لم نجد ذلك علم أن من تأخر قلد المتقدم وحصل التوارد على الخطأ وهذا له نظائر كثيرة في كتب الرجال فالحمد لله على توفيقه.

ولم أجد من تنبه لهذا الخطأ من أهل الحديث إلا اثنان.

أولهما: الحافظ البارع أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي حيث قال في شرح علل الترمذي (ص 471) بعد نقله أصل الحكاية عن العلل للإمام أحمد ما نصه: ولكن الكلبي لا يعتمد على ما يرويه. ا ه*.

وثانيهما: الحافظ السيد أحمد بن الصديق الغماري، فقال في الهداية في تخريج أحاديث البداية (6/ 172) في أثناء كلام له عن عطية العوفي: وإنما نقلوا عنه التدليس في حكاية ما أراها تصح مع الكلبي. ا ه*.

وقد تقعقع الألباني كعادته فشنع في توسله (ص 94 - 98) على عطية العوفي بسبب هذه الرواية التالفة وشنع على من حسن الحديث، وهو كلام لا يتلفت إليه ولا يشتغل برده لما علمت من حال هذه الرواية التي هي عمدة ورأس مال من اتهمه بالتدليس والله المستعان.

* * *

فصل

قال صاحب (الكشف والتبيين) (ص. 50) تعقيبا على كلام ابن رجب الحنبلي:

أما أن الكلبي لا يعتمد على ما يرويه فهذا صحيح لكن. . ليس له شأن هنا إذ أن العلماء الذين ذكروه بهذا النوع من التدليس القبيح لم يعتمدوا فقط على قول الكلبي عن عطية وتكنيته له لم إنما اعتمدوا ذلك بناء على سبرهم مروياته وتنقيدهم لرواياته. ا ه*.

قلت: هذا كلام متناقض فإنه يسلم بعدم الاعتماد على الكلبي، ثم ينفي أن له شأنا هنا ثم يثبت عكس ذلك فيصرح بأن العلماء الذين ذكروا عطية بالتدليس لم يعتمدوا على قول الكلبي فقط ولكن على سبرهم مروياته أيضا فهذا يعني أنهم يعتمدون على قول الكلبي وغيره فهو ينفي أمرا ثم يثبته ويتناقض كعادة شيخه، هذه واحدة.

والثانية: من ذكر تدليس الشيوخ عن عطية العوفي وتكنيته للكلبي بأبي سعيد اعتمد فقط على رواية الكلبي فهذه كتب الرجال بين أيدينا لم تذكر إلا الرواية التي فيها الكلبي المتهم بالكذب فقط ولم تشر لأي شئ آخر من مرويات عطية العوفي، فكيف يقول هذا عن الكلبي: ليس له شأن هنا؟

الثالثة: إن هذه دعوى لا دليل عليها ولا مستند لها، وكل ما كان حاله كذلك فهو مردود لا ينظر إليه لأن الله جل وعز يقول: ‹ صفحة 149 › (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). فمن لم يأت ببرهان على دعواه فكلامه فيه نظر.

الرابعة: قوله: (وإنما اعتمدوا ذلك بناء على سبرهم مروياته وتنقيدهم لرواياته).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير