قلت: لما لم يصرح أحد بمقولته دل ذلك على أنه اعتمد على ظن مرجوح، والظن لا يغني من الحق شيئا، ومن الأدلة على كونه ظنا أنه لو كان معه شئ يؤيد دعواه لأبرزه ليؤيد قوله وينصر رأيه فلما لم يفعل دل أن هذا من باب أكذب الحديث والله أعلم.
ولك أن تقول: إن كلامهم في تدليس عطية العوفي لو كان معتمدا على سبر مروياته لأبرزوا ذلك وبينوه وتداولوه في كتب الرجال والتخاريج، وكأنك لا تجد مثالا واحدا يسعف صاحب الدعوى، فلما لم تصح الدعوى رجع ذلك إلى رواية الكلبي فقط.
الخامسة: تدليس الشيوخ لا يعرف إلا بنص، فكون عطية العوفي كنى الكلبي بأبي سعيد حتى لا يتميز عن أبي سعيد الخدري هذا أمر يحتاج إلى توقيف ولا عبرة إلا به، فسبر المرويات لا يفيد شيئا في ذلك ما لم يكن معه نص في حكاية التكنية.
السادسة: هذه إحالة على مجهول ومحاولة إثبات التدليس القبيح دفعا بالصدر لا غير ولو صحت هذه الطريقة فرحمة الله عز وجل على الحجة والبرهان والدليل فمثله كمثل رجل اعتمد على حديث مكذوب في إثبات أمر ما، فلما حاجه غيره وبين له كذب ما اعتمد عليه وافق هذا الرجل من حاجه ولكنه يريد أن يثبت الأمر الذي في ذهنه فقال لمن حاجه: أسلم لك بكذب ما اعتمدت عليه لكن هناك أدلة أخرى وسكت، ولو علمها لأبرزها.
وبهذه الطريقة يمكن إثبات كل باطل ومنكر والاعتماد على الموضوعات والله المستعان.
السابعة: قد تقرر أنه لا ينسب لساكت قول وقد سكتوا عما سوى رواية الكلبي، فمن نسب للحفاظ غير حكاية الكلبي يكون قد نسب للساكت قولا وقول الناس ما لم يقولوه والله المستعان.
* تنبيه هام:
قال الألباني في توسله (ص 95) بعد ذكر حكاية تكنية عطية للكلبي - وهي تالفة - كما تقدم: وهذا وحده عندي يسقط عدالة عطية هذا. ا ه*
قلت: هذا خطأ لأمرين:
الأول: قال الحافظ السيوطي في تدريب الراوي (1/ 231): من أقسام التدليس. . إعطاء شخص اسم آخر مشهور تشبيها، ذكره ابن السبكي في جمع الجوامع قال: كقولنا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ يعني الذهبي تشبيها بالبيهقي حيث يقول ذلك يعني به الحاكم. . وليس ذلك بجرح قطعا لأن ذلك من المعاريض لا من الكذب، قاله الآمدي في الأحكام وابن دقيق العيد في الاقتراح. ا ه*
الثاني: ما ذكر من تكنية عطية العوفي للكلبي فعل نحوه جماعة من الأعيان العدول.
قال ابن حبان في المجروحين (2/ 253): محمد بن السائب الكلبي كنيته أبو النضر من أهل الكوفة وهو الذي يروي عنه الثوري ومحمد بن إسحاق ويقولان: حدثنا أبو النضر حتى لا يعرف. ا ه*
قلت: ومن شيوخهما سالم بن أبي أمية المكنى بأبي النضر وهو تابعي ثقة احتج به الجماعة كما في التهذيب (3/ 431).
وكان هشيم بن بشير الواسطي الحافظ الثقة - وهو من المتكلمين في عطية العوفي - يفعل ذلك. قال يحيى بن معين: لم يلق أبا إسحاق السبيعي وإنما كان يروي عن أبي إسحاق الكوفي، وهو عبد الله بن ميسرة وكنيته أبو عبد الجليل فكناه هشيم كنية أخرى. ا ه* من التهذيب (11/ 63).
قلت: عبد الله بن ميسرة ضعيف. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين كان مروان يغير الأسماء يعمى على الناس كان يحدثنا عن الحكم بن أبي خالد وإنما هو حكم بن ظهير. ا ه*
ومروان هو ابن معاوية الفزاري الثقة الحافظ والحكم الذي يدلسه متروك متهم، وابن معين مع ذلك يقول عن مروان ثقة.
فهؤلاء أربعة من كبار أعيان الحفاظ يدلسون تدليس الشيوخ عن الضعفاء http://cgi.embedproxies.com/index.php/1010010A/638560d3e3d72d4e5fe42fe560d853e33b818d450474668f68 da8a9dc97e03a141308771db274619473e2589c5d976745323 20eaa802838a10fea2d1345d13a703e94bbeeaf9047bd4f43c 68bf748b56c3b415cf141e92b62f936b5e77185c2fd6e5742c a9afdb1b2da227723a-bb7fecabf230d65c43e3e76b8358065f62761aa6dd5ddbca9a 234ab07e-53daeaa521e94cd91ecf8e576602406ac6292c848e8b3c3095 1a6e007d5b80b4ef5f998f50f7810e6514c604e6bf96b3b74a db5abad0d9e932b8cc114b110bbe4220104 وأنت أيها المنصف تقول بعدالتهم ولا تستطيع أن تنفك عن هذا القول، فإذا تكلمت بعد ذلك في عطية العوفي وقلت بسقوط عدالته فقد تخبطت تخبطا معيبا وبعدت عن حد الإنصاف وألزمت نفسك بعظيم يصعب دفعه. نسأل الله تعالى السلامة
¥