والصون.
* * *
فصل:
أما من تكلموا فيه لتشيعه كالجوزجاني فإنه قال في (أحوال الرجال ص 56): مائل. والجوزجاني كان معروفا بالنصب مشهورا به - وكتابه ماثل بين أيدينا - حتى قال عنه الحافظ في مقدمة اللسان (1/ 16): الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب وذلك لشدة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيع. ا ه*.
على أن قول الجوزجاني هذا مع سخافته وسقوطه هو في حقيقته توثيق لعطية العوفي لأنه لما لم يجد شيئا في حديث العوفي وكان الرجل كوفيا شيعيا لم يجد ما يذكره به إلا تشيعه فقال: (مائل)، ولو وجد الجوزجاني شيئا لسارع بإظهاره لشدة عداوته لأهل الكوفة.
والنواصب مجروحون بقوله صلى الله عليه وسلم لعلي عليه السلام: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) ففض يديك من جرح النواصب تسلم.
* تنبيه:
نقل العقيلي في الضعفاء (3/ 359) عن سالم المرادي أنه قال: كان عطية العوفي رجلا متشيعا.
وأورد الذهبي هذه المقولة في الميزان (3/ 79). وهي كلمة لا تفيد جرحا البتة.
فالمرادي هو ابن عبد الواحد الكوفي ليس هو من الحفاظ ولا من النقاد الذين يقف المرء عند قولهم في الجرح والتعديل، وهو أيضا شيعي كعطية العوفي، بل عطية العوفي من مشايخه فهو بعيد جدا عن نقد عطية العوفي.
وقد أوردت هذا التنبيه تعقيبا على الشيخ حماد الأنصاري حيث عد سالما المرادي من النقاد المضعفين لعطية العوفي في رسالته (تحفة القاري في الرد على الغماري) (ص 64).
وكلامه خطأ من وجهين:
الأول: إن (سالم المرادي) ليس من النقاد، بل هو يحكي أمرا في عطية فقط.
الثاني: أن كلامه ليس من الجرح في شئ، فكيف يعده الشيخ حماد الأنصاري من المجرحين لعطية العوفي، وكان الشيخ حمادا الأنصاري يريد أن يحشد المجرحين لعطية بدون تأمل.
وكذا قول الساجي في عطية العوفي كما في التهذيب (7/ 226) ليس بحجة وكان يقدم عليا على الكل. ا ه*.
فإن الساجي كان بصريا، والبصريون كثر فيهم النصب، قال الحافظ في اللسان (4/ 439): النصب معروف في كثير من أهل البصرة. ا ه*
وهم يفرطون فيمن يتشيع لأنهم عثمانيون وخاصة فيما كان بين أظهرهم كذا في التهذيب (7/ 413).
والساجي رحمه الله تعالى كان شديدا متصلبا، فجرحه للكوفيين ينبغي التدقيق فيه، فإنه قد يجرح الرجل بسبب مذهبه كما حدث لعطية العوفي هنا فإنه قال عنه: ليس بحجة، ثم أبان عن سبب قوله فقال: وكان يقدم عليا على الكل. وإذا كان الرجل شيعيا يقدم عليا على الكل فلا بد أن يجرح عند المخالف لقوله ولا يكون حجة عنده.
على أن الجرح بالتشيع وغيره مردود لا يلتفت إليه، فالعبرة بصدق الراوي لا بمذهبه، فكم من الرواة الشيعة والنواصب والخوارج وغيرهم قد أخرج حديثهم في الصحيحين وقد استقر الأمر على ذلك (1).
ومما زاد في جرحهم لعطية أنه كان محبا لعلي ابن أبي طالب عليه السلام (2) بحيث عرض النواصب عليه سبه فأبى، وكان هذا ينبغي أن يحسب له، ولكن للنواصب شدة وصولة.
قال ابن سعد في الطبقات (6/ 304): خرج عطية مع ابن الأشعث، فكتب الحجاج إلى محمد بن القاسم أن يعرضه على سب علي فإن لم يفعل فاضربه أربعمائة سوط واحلق لحيته، فاستدعاه فأبى أن يسب، فأمضى حكم الحجاج فيه. ا ه*.
فانظر إلى جلد الرجل وحبه لعلي كرم الله وجهه، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله تعالى عنه: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).
* * *
فصل:
أما من تكلم فيه بسبب روايته شيئا أنكر عليه، فلم أجد من صرح بذلك عند ترجمته لعطية العوفي إلا أن ابن عدي أورد حديثا واحدا في ترجمته من الكامل (5/ 2207) الذي جاء بدليل يؤيد دعواه التي أشار إليها ولم يصرح بها.
قال ابن عدي: حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الكوفي بمصر، ثنا محمد بن الصباح الدولابي، ثنا إبراهيم بن سليمان بن رزين وهو أبو إسماعيل المؤدب، ثنا عطية العوفي في سنة عشر ومائة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أهل عليين ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدري بالأفق وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما).
¥