تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعليه: فعطية العوفي " صدوق " عند الترمذي، وهو شرط الحسن لذاته، والتشغيب هنا برمي الترمذي بالتساهل خطأ جسيم، لأن الترمذي لم ينفرد بتعديل عطية العوفي فقد مر تعديله عن ابن سعد وابن معين والبزار وأبي حاتم الرازي وابن شاهين ويحيى بن سعيد القطان.

ثم الترمذي إمام حافظ ثقة كان يقون له إمام أهل الصناعة محمد بن إسماعيل البخاري: استفدنا منك كثر مما استفدت منا. وقول الترمذي معتمد عندهم في الجرح والتعديل وحكمه على الأحاديث كذلك، وإن ظهر شئ انفرد به في قوله وحكمه، فهو كغيره من الأئمة ولا يخدش ذلك في الأخذ بقوله وحكمه فليس هو بمعصوم.

وكم حسن الترمذي أحاديث في الصحيحين، فهل يعد متشددا من هذه الجهة؟!.

وقد تلقف هذا أو ذاك كلمة ابن دحية الكلبي (1) في الكلام على جامع الترمذي وبنى عليها أحكاما وأوهاما أو نظر في جامع الترمذي نظرة متأخر متبع لقواعد سقيمة متروكة فاستخلص منها تساهل الترمذي بسقيم فهمه.

والكلام يحتاج لبسط ليس هذا محله لكن ينبغي ألا يخلى المقام من المثال الذي ذكره صاحب " الكشف والتبيين " (ص 45) ليستدل به على تساهل الترمذي فقال: ومن أقرب ما يذكر حديث سمرة " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف لا نسمع له صوتا "، فقد رواه الترمذي وصححه ونقل الحافظ ابن حجر تصحيحه في " التلخيص الحبير "، لكن تعقبه بإعلال ابن حزم له بجهالة ثعلبة بن عباد وأن ابن المديني قال فيه مجهول. ا ه*.

قلت: هذا الكاتب إما أنه لا يفهم أو يضحك على القراء، وأحلاهما مر، فالصواب مع الترمذي والقول فيه قوله وهاك الآتي:

فثعلبة بن عباد لم ينفرد الترمذي بتصحيح حديثه، بل وافقه على ذلك الحاكم في المستدرك (1/ 330)، وابن حبان. والحديث أخرجه النسائي (3/ 140)، وأبو داود (1/ 700)، وابن ماجة (1/ 402)، وأحمد في المسند (5/ 61)، ‹ صفحة 172 › والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 329)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 335) كلهم من طريق ثعلبة.

فمقتضى تصحيح الترمذي والحاكم وابن حبان للحديث أن رجاله ثقات عندهم.

وقد ذكر ابن حبان ثعلبة بن عباد في ثقاته (4/ 98)، فالرجل ثقة ولا بد. وقوى حاله إخراج حديثه في السنن المذكورة.

فإن قيل: قد جهله ابن المديني وابن القطان.

قلت: من علم حجة على من لم يعلم.

وقد شنع الإمام تقي الدين بن دقيق العيد على من يرد تصحيح الترمذي بدعوى الحكم بجهالة أحد الرواة، فقال رحمه الله تعالى (نصب الراية: 1/ 149) ما نصه: ومن العجب كون ابن القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان مع تفرده بالحديث وهو قد نقل كلامه: هذا حديث حسن صحيح، وأي فرق بين أن يقول: هو ثقة، أو يصحح له حديثا انفرد به؟ وإن كان توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه إلا أبو قلابة، فليس هذا بمقتضى مذهبه، فإنه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحالة، فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله وهو تصحيح الترمذي. ا ه*.

وقال الحافظ الذهبي في " الموقظة " (ص 81): ومن الثقات من لم يخرج لهم في الصحيحين خلق منهم من صحح لهم الترمذي وابن خزيمة ثم من روى لهم النسائي وابن حبان. ا ه*.

فانظر إلى توثيقه لمن صحح لهم الترمذي، ومن روى له النسائي وابن حبان. فلا بد إن أردت أن تسلك سبيل أهل الحديث وتتبع قواعدهم، وتقف عند كلام أئمتهم أن تقول بقولهم وتحذو حذوهم، فلا تنفك في توثيق ثعلبة بن عباد اتباعا لتصحيح الترمذي له، فضلا عن تصحيح الحاكم وابن حبان وإخراج النسائي لحديثه.

فلله در الترمذي الإمام الحافظ العلم، وبذا يكون الانتقاد قد انقلب على صاحبه المنتقد بدون روية، والمنازل بدون آلة، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وإن وفق الله عز وجل ففي النية إشباع هذا البحث في جزء خاص به، يسر الله ربي على ذلك وأعان.

* * *

فصل:

وخلاصة ما تقدم؛ أن عطية العوفي قد عدله (1) يحيى بن سعيد القطان وابن سعد وابن معين والترمذي والبزار وابن شاهين وتبعهم بعض من تأخر عنهم فقال ابن القطان (كما في نصب الراية 4/ 68): وعطية العوفي مضعف، وقال ابن معين فيه: صالح، فالحديث حسن. ا ه*.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير