مع أن غالب ذلك مما لا تأثير له قويًّا في الحكم النهائي على الحديث، ولم يكن في القضايا المنهجية التي خلص بها الشيخُ إلى تقوية الحديث.
كما أن في بعض ما أضافه الشيخ في (بذل الإحسان) ما ينتقد عليه، وسأبينه -إن شاء الله-.
فأول ذلك:
أن الشيخ وقف على رواية أبي عبيد في الطهور من طريق سليمان بن بلال -حديث سعيد بن زيد-، لكنه لم يشر إلى الخلاف عليه، وألحق رواية أبي عبيد برواية الطحاوي والحاكم، وجعلهم (2/ 350) جميعًا يروون الحديث من طريق سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة! مع أن في الأمر تفصيلاً على النحو المشروح في التعليقة السادسة مما سبق:
لكن قد اختُلف على سليمان بن بلال -ولم يشر إلى هذا الاختلاف المؤلف-:
- فرواه سعيد بن كثير بن عفير عنه عن أبي ثفال عن رباح عن جدته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يذكر أباها، أخرجه من طريق سعيد: الطحاوي (1/ 27)، والحاكم (4/ 60)، وابن شاهين في الترغيب (95)،
- ورواه سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال عن رباح عن جدته عن أبيها عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال سليمان: وقد سمعته من أبي ثفال، أخرجه عن سعيد: أبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (54) -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (18/ 26) -.
وسعيد بن أبي مريم أوثق من سعيد بن عفير، فهو حافظ ثبت، وروايته أرجح. وهي متابعة صحيحة لعبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال.
ثانيًا:
وقف الشيخ أبو إسحاق على الخلاف على الحسن بن أبي جعفر، وأثبته (2/ 350).
وقد اختُلف عن الحسن بن أبي جعفر المذكور أيضًا:
- فرواه أبو داود الطيالسي -في مسنده (ص33) - كما وُصف أولاً،
- ورواه خلاد بن قرة بن خالد -كما عند أبي الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 98) - عن الحسن عن أبي ثفال عن أبي هريرة به،
وخلاد هذا ترجمه أبو الشيخ في الموضع المذكور وأخرج روايته، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وأبو داود حافظ أوثق منه، وروايته الراجحة.
والحسن بن أبي جعفر ضعيفٌ على كل حال، وبعض الأئمة تركه، وبعضهم أنكر حديثه، فربما كان هذا اضطرابًا منه.
وهذا الاختلاف مما فات المؤلف أيضًا.
ثالثًا:
وقف الشيخ على رواية إسحاق بن حازم في علل ابن أبي حاتم، وأثبتها (2/ 353).
8 - قال (ص23): " وأما رواية إسحاق بن حازم فلم أقف عليها ".
وهي في علل ابن أبي حاتم (2/ 357)، قال: " وسألت أبي عن حديث رواه أسد بن موسى، قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن إسحاق بن حازم -أو: خازم، شك أسد-، قال: أخبرني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، عن ثفال بن أبي ثفال، عن رباح بن عبد الرحمن بن شيبان، عن أمه بنت زيد بن نفيل، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لم يحبب الله من لم يحببني، ولم يحبني من لم يحبب الأنصار، ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» ... ".
رابعًا:
مع وقوف الشيخ على ترجيح أبي حاتم الرازي ونقله في الكلام على رواية إسحاق بن حازم، إلا أنه لم يثبته في ترجيحه النهائي، وأبقى على ذكر ترجيح الدارقطني فقط.
9 - رجح المؤلف (ص23) الوجه الأول عن عبد الرحمن بن حرملة، ونقل ترجيحه عن الدارقطني، وقد سبق أبو حاتم إلى ذلك -كما في العلل لابنه (2/ 357)، وفات المؤلف فلم يذكره-، فقال: " والصحيح: عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب، عن جدته، عن أبيها سعيد بن زيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ".
هذا ما لزم ذكره، والتعليقات الأخرى متوجهةٌ إلى كلام الشيخ في (البذل) و (الكشف)، إلا أن يكون فاتني شيءٌ استدركه الشيخ في (البذل) أو غيره؛ فلينبهني الإخوة عليه. والله الهادي والموفق للصواب.
ـ[أبو اسحاق السلفي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 01:27 ص]ـ
أسأل الله تعالى أن يحفظك ويوفقك أخى الفاضل محمدبن عبدالله لما يحب ويرضى فقد أفدتنى كثيرا جدا فى هذا البحث ولاسيما ماذكرته فى الكتابين المذكورين لشيخناالفاضل - حفظه الله - ولاسيما انى وقفت كثيرا جدا متأملا لبعض مماأشرت أنت اليه لكن الى الآن لازال عندى اشكال فى قول الدراقطنى معشرنجيح واختصارالحافظ لها فياحبذا لوأنك تبسطها مرة أخرى بشكل أوفر اذا تيسرلكم وبارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[أبو بكر المكي]ــــــــ[27 - 11 - 09, 08:38 م]ـ
الأخ المجتهد محمد بن عبد الله إن استمر على هذه المثابرة والتحقيق في بحوثه ومؤلفاته، فإنني أرتقب فيه - وإن لم أراه - أن يكون في مصاف أئمة الحديث النقاد الجهابذة.
واصل يا أبا عبد الله، استعملك الله في طاعته، ورفع درجتك، وفقهك في دينه، ورزقك العلم والعمل، وجنبك كل شر وفتنة، وبلغك ما تؤمل، ورزقك علوم السلف.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[06 - 12 - 09, 09:25 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي محمد بن عبدالله أفدتنا كثيرا بهذا البحث
ومر علي في تعليقة ابن عبدالهادي رحمه الله على العلل لابن أبي حاتم أنه-أي ابن عبدالهادي- يميل إلى ثبوت هذا الحديث حيث قال: (وقد روي في اشتراط التسمية على الوضوء أحاديث كثيرة غير هذا كحديث أبي سعيد وأبي هريرة وغيرهما ولا يخلو كل واحد منها من مقال لكن الأظهر أن الحديث في ذلك بمجموع طرقه حسن أو صحيح) ص74
¥