تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سَبَبُ، وطريقةُ تأليفِ الدارقطني لكتابه العلل؟

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 03 - 04, 11:18 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام على نبينا محمد، وآله، أما بعد:

فسَبَبُ، وطريقةُ تأليفِ الدارقطني لكتابه العلل؟

جوابها = ما ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 12/ 37 - 38، وعنه ابن عساكر في تأريخ دمشق 43/ 102:

قال: سألتُ البرقانيَ قلتُ لَهُ: هلْ كان أبو الحسنِ الدارقطني يملى عليك العلل من حفظه؟

فقال: نعم، ثم شرح لي قصة جمع العلل، فقال: كان أبو منصور بن الكرخي يريد أن يصنف مسندا معللا؛ فكان يدفع أصوله إلى الدارقطني، فيعلم له على الأحاديث المعللة، ثم يدفعها أبو منصور إلى الوراقين، فينقلون كل حديث منها في رقعة فإذا أردتُ تعليقَ الدارقطني على الأحاديثِ نظر فيها أبو الحسن، ثم أملى علي الكلام من حفظه، فيقول: حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود: الحديث الفلاني اتفق فلان وفلان على روايته، وخالفهما فلان، ويذكر جميع ما في ذلك الحديث، فاكتب كلامه في رقعة مفردة، وكنت أقول له: لم تنظر قبل إملائك الكلام في الأحاديث؟

فقال: أتذكر ما في حفظي بنظري، ثم مات أبو منصور، والعلل في الرقاع، فقلت لأبي الحسن بعد سنين من موته: إني قد عزمت أن أنقل الرقاع إلى الأجزاء، وأرتبها على المسند؛ فأذن لي في ذلك، وقرأتها عليه من كتابي، ونقلها الناس من نسختي.

وقال قبل ذلك في ترجمة أبي منصور بن الكرخي 6/ 59:

وكان قد أكثر الكتاب، وأراد أن يصنف مسندا معللا، فكان أبو الحسن الدارقطني يحضره عنده في كل أسبوع يوما، ويعلم على الأحاديث في أصوله، وينقلها شيخنا أبو بكر البرقاني ـ وكان إذ ذاك يورق له ـ ويملي عليه أبو الحسن علل الأحاديث حتى خرج من ذلك شيئا كثيرا، وتوفي أبو منصور قبل استتمامه، فنقل البرقاني كلام الدارقطني، ورتبه على المسند، وقرأه على أبي الحسن، وسمعه الناس بقراءته = فهو كتاب العلل الذي دونه الناس عن الدارقطني.

وفي السير للذهبي 16/ 455:

وقال أبو بكر البرقاني كان الدارقطني يملي علي العلل من حفظه. (القصة مختصرة)

قلتُ: إن كان كتاب العلل الموجود قد أملاه الدارقطني من حفظه ـ كما دلت عليه هذه الحكاية ـ = فهذا أمر عظيم، يقضى به للدارقطني: أنه أحفظ أهل الدنيا،

وإن كان قد أملى بعضه من حفظه؛ فهذا ممكن، وقد جمع قبله كتاب العلل علي بن المديني حافظ زمانه. اهـ.

تأمل هذه النصوص يتبين لك كيف اجتمعت النصوص المعلة التي تكون منها كتاب العلل للدارقطني، وهل كان الإمام يسأل عنها فجأة؟ أو أنه يطلع على ذلك قبل السؤال في كل أسبوع؟ وهل كان الإمام رحمه الله يراجع محفوظه قبل ذلك أم لا؟

والله أعلم.

وهناك شبهة أثيرت بأن الدارقطني أخذ العلل من مسند يعقوب بن شيبة السدوسي، ففي فتح المغيث للسخاوي 2/ 378:

قال الحافظ أبو الفضل بن طاهر في فوائد الرحلة: سمعت الإمام أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي يقول: إن كتاب العلل الذي أخرجه الدارقطني إنما استخرجه من كتاب يعقوب بن شيبة .. واستدل له بعدم وجود مسند ابن عباس فيهما.

لكن قد تعقب شيخنا رحمه الله (ابن حجر) هذا بقوله: هذا الاستدلال لا يثبتُ المدّعَى، ومن تأمل العلل عرف أن الذي قاله الشيخ نصر ليس على عمومه، بل يحتمل أن لا يكون نظر في علل يعقوب أصلا (1)، وقال: والدليل على ما قلته: أنه يذكر كثيرا من الاختلاف إلى شيوخه، أو شيوخ شيوخه الذين لم يدركهم يعقوب، ويسوق كثيرا بأسانيده. قلتُ (السخاوي): وليس ذلك بلازم أيضا.

وانظر مناقشة هذه القضية في مقدمة العلل للشيخ الدكتور محفوظ الرحمن رحمه الله 1/ 75 - 84، وتحقيق مسند يعقوب بن شيبة لأخينا الشيخ الدكتور علي الصياح ص72.

ولا يفوت في الختام إلى التذكير بفائدة عظيمة، وهي أن هذا الكتاب العظيم الذي عم نفعه كان بسبب ذاك الرجل الصالح ابن الكرخي الذي قال عنه البرقاني ـ تأريخ بغداد 6/ 59 ـ: ولم أر مثل أبي منصور صحبته نحوا من عشرين سنة أدام فيها الصيام .. وكان وقت العتمة كل ليلة يصلي أربع ركعات يقرأ فيها سبع القرآن كل ركعة جزءا.اهـ.

قلتُ: وكم كتاب ألف بسببِ طلبٍ من شيخ أو صاحب أو تلميذ = يعجزك حصرها، لكن الدال على الخير كفاعله، فاحرص على نفسك .. وكن منهم.


(1) بل قد اطلع عليه، وقال: لو أن كتاب يعقوب بن شيبة كان مسطورا على حمام لوجب أن يكتب. تأريخ بغداد 14/ 281.
وفي كتاب مرويات الإمام الزهري المعلة .. للدكتور عبد الله بن محمد حسن دمفو 1/ 118 - 134 فوائد نفيسة، وكلام على منهج الكتاب ومدى استيعاب الطرق ... الخ.

ـ[ alhwri] ــــــــ[28 - 03 - 04, 11:50 م]ـ
الشيخ الجليل

عبد الرحمن السديس, بارك الله فيك وجزاك خيرا, وأسأل الله لك دوام

الصحة والعافية ,وان يفسح الله مدتك بحسن العمل.

أبو الأشبال السكندرى.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير