تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاءت رواية ابن يونس عن شريك هكذا: عن الحر بن الصياح، عن ابن عمر، قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه و سلم- يصوم من الشهر: الخميس، ثم الاثنين الذي يليه، ثم الخميس -أو الاثنين-، ثم الخميس الذي يليه، ثم الاثنين، يصوم ثلاثة أيام)، وقد اتفقت على هذا اللفظ الروايتان في الشعب وفضائل الأوقات، وفيه نظر، فالأيام فيه أكثر من ثلاثة.

وأخرجه البغوي في الجعديات (2247)، قال ابن الجعد: أخبرنا شريك، عن الحر بن الصياح، قال: جاورت مع ابن عمر، فرأيته يصوم العشر.

فوقفه على ابن عمر.

ولا يخفى أن الوجه السادس الأخير من تخليط شريك، فإنه انفرد بذكر ابن عمر في الحديث عن الحر بن الصياح، ثم اضطرب في إسناده ومتنه.

قال ابن أبي حاتم -في العلل (1/ 231) -: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شريك، عن الحر بن الصياح، عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم من الشهر الاثنين، والخميس الذي يليه، ثم الاثنين الذي يليه. فقالا: " هذا خطأ، إنما هو الحر بن صياح، عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن أم سلمة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ".

والوجه الذي ذكره هذان الإمامان الحافظان هو الذي سبق في الوجه الثاني، وأخرجه أبو يعلى والطبراني، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (8/ 248)، وبهذا يظهر النظر في قول الشيخ الألباني -في صحيح سنن أبي داود (7/ 198) -: " لم أرَ في شيء من الوجوه المذكورة ذكر أم سلمة! وإنما هو أم المؤمنين، وأما أم سلمة فهو في طريق أخرى عن هنيدة عن أمه (وليس عن امرأته) عن أم سلمة ... "!

وقد حكم الشيخ الألباني على هذا الوجه لما ذكر الاختلاف في الأسانيد بالنكارة، قال -في صحيح أبي داود (7/ 198) -: " وأما الوجه الرابع؛ فهو ظاهر الضعف؛ لسوء حفظ شريك -وهو ابن عبد الله القاضي-، وقد شذ في إسناده عن الوجوه الثلاثة، فهو منكر ".

إلا أنه -رحمه الله- عاد لما ذكر الاختلاف في متن الحديث، فقوى متن زهير بن معاوية، وهو الوجه الثاني عنده، ثم قال - (7/ 199) -: " الرابع: قول شريك ... مثل رواية زهير تمامًا.

قلت -الألباني-: والعمدة من هذه الوجوه إنما هو الوجه الثاني، لأنه -مع صحة سنده- فيه زيادة بيان على الوجه الأول، فضلاً عن الوجه الثالث.

والوجه الرابع شاهد له لا بأس به ".

وليس النظر هنا في ترجيحه -رحمه الله-، إلا أن في استشهاده بمتن رواية شريك نظرًا، فإنه قد حكم عليها بالنكارة في السياق نفسه، ومن الخطأ الظاهر الاستشهاد بالمناكير، سواءً في الأسانيد أو المتون.

والله أعلم.

ملخّص الخلاف في الحديث:

الحديث رواه الحر بن الصبَّاح، عن هنيدة بن خالد الخزاعي، واختُلف عن الحر:

- فرواه أبو عوانة عنه، عن هنيدة، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-،

- ورواه الحسن بن عبيد الله، واختُلف عنه:

* فرواه عبد الرحيم بن سليمان، عن الحسن، عن الحر، عن هنيدة، عن امرأته، عن أم سلمة،

* ورواه محمد بن فضيل، عن الحسن، عن هنيدة (أسقط الحر)، عن أمه، عن أم سلمة،

- ورواه زهير بن معاوية، عن الحر، عن هنيدة، عن أم المؤمنين -غير مسماة-،

- ورواه عمرو بن قيس الملائي -من رواية أبي إسحاق الأشجعي عنه-، عن الحر، عن هنيدة، عن حفصة،

- ورواه شريك بن عبد الله، عن الحر، عن ابن عمر، رفعه شريك ووقفه.

وللحديث ذكرٌ في علل الدارقطني (15/ 199)، إلا أنه لم يرجح فيه شيئًا.

وجزاكم الله خيرًا.

ـ[أبو مريم السويسي]ــــــــ[17 - 12 - 07, 11:28 م]ـ

الشيخ محمد بن عبد الله

جزاك الله خيرا وبارك الله فيكم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير