تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نظرات فى تصحيح الأحاديث وتضعيفها من خلال دراسة أحاديث بعض من تُكلم فيهم

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[09 - 04 - 04, 09:57 ص]ـ

نظرات فى تصحيح الأحاديث وتضعيفها

من خلال دراسة أحاديث بعض من تُكلم فيهم

الحمد لله بالعشى والإشراق، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من وقع على محبته الإتفاق، وطلعت شموس أنواره في غاية الإشراق، وتفرد فى ميدان الكمال بحسن الإستباق، الناصح الأمين الذي اهتدى الكون كله بعلمه وعمله، والقدوة المكين الذي اقتدي الفائزون بحاله وقوله، ناشر ألوية العلوم والمعارف، ومسدي الفضل للأسلاف والخوالف، الداعي على بصيرة إلى دار السلام، والسراج المنير والبشير النذير، علم الأئمة الأعلام. وبعد ..

فإنى أثناء مراجعتى كتاب ((زوائد الأدب المفرد)) للشيخ أبى عبد الرحمن محمد بن مصطفى السكندرى ـ أحسن الله مثوبته ـ، كتبت تعليقاً وجيزاً على حديث دراج أبى السمح عن عيسى بن هلال الصدفى عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم: ((إن روحي المؤمنين ليلتقيان في مسيرة يوم، وما رأى أحدهما صاحبه))، وقد حكم عليه الشيخ بالضعف ترجيحا لأقوال من ضعَّف دراجاً بإطلاقٍ.

غير أن الشيخ أبا عبد الرحمن آثر أن ينقل ما علقتُه بنصه بالحاشية، إذ قلت: ((الخلاف فى دراج أبى السمح المصرى الواعظ الزاهد، أوسع من أن يحكم معه بإطلاق الضعف عليه، وتوهين أخباره، سيما والإمام الجهبذ أبا حاتم بن حبان يصحح أحاديثه خاصة ((دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد))، فقد أخرج بهذا الإسناد فى ((صحيحه)) ثمانية أحاديث، وكان الإمام أبو زكريا يحيى بن معين يصحح هذا الإسناد، كما أسنده أبو عبد الله الحاكم فى ((المستدرك)) (2/ 247:246) قال: سمعت أبو العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت العباس بن محمد الدورى يقول: سألت يحيى بن معين عن أحاديث دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد فقال: هذا إسناد صحيح.

وأنا، إن أذن الله لى بتوفيقه وعونه، عازم على تسطير بحث بعنوان ((الابتهاج ببيان صحاح أحاديث دراج))، وذلك لأنه تصفو له جملة من الأحاديث الحسان، وأما مناكيره فمعروفة عند أهل التحقيق)) اهـ.

قلت: هذا ما كتبته على عجل، راجياً أن يفسح الله لى فى الأجل، لانجاز ما وعدت، وتحقيق ما رجوت، خاصة وأنا انظر إلى أحكام الأئمة المتقدمين بعين الإنصاف، وابتعد بنفسى فى حضرتهم عن أحكام التعنت والاعتساف. ولست أعنى أن من ضعَّفه لم يكن منصفاً، إذ كثير من أحكام الجرح لها محامل خاصة، وليس كما يعتقد المتأخرون عمومها، سيما قول الإمام أحمد: أحاديثه مناكير أو منكر الحديث. فمثل هذا يقوله الإمام أحمد عن جماعة من الثقات أمثال: محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، والمغيرة بن زياد البجلى، ونحوهم ممن وثقوا، ولم يضعف الأئمة من أحاديثهم إلا ما تيقنوا نكارته، فقد يروى الثقة المناكير.

وقد حفزنى ما قوبل به هذا التعليق، وما وصلنى من رسائل خاصة، لا داعى لذكر محتواها من الغمز واللمز، والاستخفاف بما وصفتُه تحقيقاً وإنصافاً، حفزنى ذلك على التوطئة للاحتجاج بما عزمت عليه، بذكر هذه اللمحة الوجيزة عن صنيع الأئمة النقاد مع أحاديث من اختلفوا عليه من الرواة، ولم يجمعوا على جرحه وتوهينه، فوثَّقه بعضهم، ووهَّنه بعضهم.

على أنى أقطع فى نفسى، من خلال نظرةٍ فاحصةٍ لواقع اليوم، أن الأغلب الأعم من طلبة هذا العلم الشريف، بل وكثير من فضلاء علماء زماننا، يبادرون إلى تضعيف أحاديث أمثال هؤلاء الرواة ـ أعنى المتكلم فيهم ـ عملاً بظاهر كلام أئمة الجرح وأحكامهم، من غير إمعان النظر فى مروياتهم، وموافقتها أو مخالفتها لروايات أهل الضبط والتيقظ، وإن شئت فقل: من غير سبر الروايات والوقوف على ما يحتف بها من قرائن مؤثرة فى الحكم عليها.

ولله در الحافظ العسقلانى إذ يقول فى ((النكت)) (1/ 4045): ((صحة الحديث وحسنه ليس تابعاً لحال الراوي فقط، بل لأمور تنضم إلى ذلك من المتابعات والشواهد، وعدم الشذوذ والنكارة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير