تعليما لأمته صلى الله عليه وسلم، و لذلك لما لم يطلع الإمام النووي على هذه
الزيادة أجاب بجواب غير مقنع، فقال عقب الحديث: " قلت: كذا وقع في كتابه: "
و دين نبينا محمد، و هو غير ممتنع، و لعله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جهرا
ليسمعه غيره فيتعلمه. و الله أعلم ". و من الغرائب أن يمر عليه ابن علان في
شرحه (3/ 126) فلا يعلق عليه بشيء، و كذلك الشوكاني في " تحفة الذاكرين " (
ص 66)! المؤاخذة الرابعة على (الهدام): أنه عزاه لأحمد. و الصواب: عبد
الله بن أحمد في " زوائد المسند " كما تقدم، و لعله لا يعلم أن في " المسند "
مئات الأحاديث هي من رواية عبد الله عن شيوخه كما هو معروف عند العلماء بهذا
الفن الشريف، بخلاف عبيد الفهارس! و قد شاركه في هذا الجهل الدكتور المعلق
على كتاب " الدعاء "، فقال (2/ 926) تعليقا على حديث يحيى بن سلمة المتقدم
: " و قال في " المجمع " (10/ 166): رواه عبد الله (كذا) و فيه إسماعيل
بن يحيى بن سلمة بن كهيل، و هو متروك ". فقوله: " كذا " فيه إشارة قوية إلى
استنكاره عزوه لـ (عبد الله)، و أكدها في الصفحة المقابلة، فعزاه لأحمد (5
/ 123) كما فعل الهدام تماما، و لعل هذا سرق هذا العزو منه، فإنه متأخر في
التأليف عنه، و هو مشهور - عند العارفين به - بالسرقة، و لاسيما من كتبي!
ثانيا: إعلال الهيثمي لرواية عبد الله بن أحمد بإسماعيل بن يحيى بن سلمة فقط،
كما نقله الدكتور المشار إليه آنفا و أقره عليه، تقصير واضح أو غفلة، لأن
أباه يحيى بن سلمة متروك أيضا مثل ابنه كما تقدم بيانه في (ص 1233)، و يظهر
أهمية هذه الغفلة إذا تذكرت أن إسماعيل قد توبع من طريقين كما تقدم من رواية
الطبراني. ثالثا: و بمناسبة طريقي الطبراني، فلابد الآن من بيانهما للفت
النظر إلى خطأ آخر وقع فيه الدكتور المشار إليه آنفا، فإنه عند الطبراني من
طريق محمد بن عبد الوهاب الحارثي و يحيى بن عبد الحميد الحماني قالا: حدثنا
يحيى بن سلمة .. فأعله الدكتور بيحيى بن سلمة، و قال: " و يحيى الحماني متكلم
فيه "! فغفل عن متابعة محمد بن عبد الوهاب الحارثي، أو أنه لم يعرفه فسكت عنه
، و هو ثقة، ترجمه الخطيب (2/ 390)، و روى عن صالح جزرة أنه قال: ثقة.
مات سنة (229)، و وثقه ابن حبان أيضا، و البزار، انظر " الصحيحة " (3038
و 3040). رابعا: غفل الأخ بدر البدر في تعليقه على " الزهد " عن شذوذ رواية
محمد بن بشار، و مخالفته لرواية الجماعة عن يحيى عن سفيان، فاعتبر رواية
سفيان الشاذة متابعة لرواية شعبة الشاذة!! فقال (2/ 19 و 20): " و
الإسنادان ثابتان لا علة فيهما .. و تابع شعبة عليه سفيان الثوري عند النسائي (
2) "! و هذا كله غفلة عن التحقيق السابق، و عن تسمية رواية أحمد عن شعبة
لابن عبد الرحمن بن أبزى بـ (سعيد) الأمر الذي يؤكد أن الخلاف لا يزال قائما
بين الحافظين، فهذا يسميه بخلاف تسمية ذاك بـ (عبد الله) كما تقدم،
فالمتابعة غير ثابتة حتى لو سلمنا بثبوت رواية ابن بشار كما هو ظاهر. فالصواب
ترجيح رواية سفيان على رواية شعبة، أو الجمع بينهما بأن كلا منهما حفظ ما سمع
كما تقدم بيانه. و قد كنت أشرت (ص 1235) حين الرد على الهدام ترجيحه لرواية
شعبة على رواية سفيان، و تضعيفه لهذه أنه لعله اعتمد في ذلك على رواية ابن
بشار، فقد التقى مع الأخ بدر في الاعتماد، و لكن خالفه في التضعيف المذكور،
فكان أبعد منه عن الصواب، و هذا كله - فيما أظن - من باب خالف تعرف، و لكي لا
يقال: إنه مقلد!! خامسا: وقع الحديث في عدة نسخ من " أذكار النووي " من مسند
(عبد الله بن أبزى)، و كذلك هو في " شرح ابن علان " إياه (3/ 126) و هو
خطأ فاحش، و الصواب - كما عرفت - (عبد الرحمن بن أبزى)، و هو صحابي صغير،
مثل (محمود بن لبيد) الذي ضعف حديثه (الهدام) (2/ 214) بحجة أنه مرسل!
بينما تراه هنا صحح حديث عبد الرحمن هذا! و هكذا تراه يكيل بكيلين، و يزن
بميزانين. و الله المستعان، و لا حول و لا قوة إلا بالله.
ـ[ابو محمد المصرى الأثرى]ــــــــ[15 - 12 - 07, 09:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الحمد لله العليم الذي أحاط بكل شيء علما، و الصلاة و السلام علي نبينا محمدالذي قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ... أي يرزقه فهما.
وبعد؛ جزي الله أخانا أبا لينا خير الجزاء، وجعل له في الجنةمنزلا و مقاما؛ فهي للصالحين دار البقاء، فنحسبه كذلك و حسيبه الله و هو كافيه، ولا نزكيه علي الله.
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.