قال أبو داود (3722): حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب أخبرني قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي سعيد الخدري أنه قال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ، وَأَنْ يُنْفَخَ فِي الشَّرَابِ.
وأخرجه كذلك أحمد (3/ 80)، وعبد الله بن أحمد ((زوائد المسند)) (3/ 80)، وابن حبان (5315) وصحَّحه، والبيهقى ((شعب الإيمان)) (5/ 117/6019) من طرق عن عبد الله بن وهبٍ أخبرنى قرَّة به مثله.
قلت: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخارى، خلا قرَّة بن عبد الرحمن المعافرى، وقد وثق، ولم يتفرد بهذا المتن، بل توبع عليه.
فمما يشهد للشطر الأول منه: حديث أبى هريرة.
أخرجه عبد الرزاق ((جامع معمر)) (10/ 427)، ومن طريقه الخطيب ((موضح الأوهام)) (1/ 534) عن معمر، والطبرانى ((الأوسط)) (7/ 55/6833) عن عبد الله بن المبارك عن معمر، عن جعفر بن برقان الجزرى عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال: ((نهي أنْ نَشْرَبَ مِنْ كَسْرِ الْقَدَحِ)).
ولفظ عبد الرزاق ((كره أنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْرِ الْقَدَحِ، أو يتوضأ منه)).
قلت: وهذا إسناد صحيح على رسم مسلم، وحكمه الرفع. ولهذا قال الحافظ الهيثمى ((مجمع الزوائد)) (5/ 78): ((رواه الطبراني في ((الأوسط))، ورجاله ثقات رجال الصحيح)).
ومما يشهد للشطر الثانى منه: حديث أبى سعيد الخدرى.
أخرجه يحيى بن يحيى ((موطأ مالك)) (1718): عن مالك عن أيوب بن حبيب مولى سعد بن أبي وقاص عن أبي المثنى الجهني أنه قال: كنت عند مروان بن الحكم، فدخل عليه أبو سعيد الخدري، فقال له مروان بن الحكم: أَسَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ؟، فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لا أَرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ، ثُمَّ تَنَفَّسْ))، قَالَ: فَإِنِّي أَرَى الْقَذَاةَ فِيهِ، قَالَ: ((فَأَهْرِقْهَا)).
وأخرجه كذلك ابن أبى شيبة (5/ 107/24178)، وأحمد (3/ 26،32،57)، والدارمى (2040،2029)، وعبد بن حميد (980)، والترمذى (1887)، وأبو يعلى (1301)، وابن حبان (5327)، والحاكم (4/ 155)، والبيهقى ((شعب الإيمان)) (5/ 114/6005) من طرق عن مالك بإسناده نحوه، وأكثرهم يرويه مختصراً.
قال أبو عبد الله الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).
قلت: وهو كما قال، ويكفى تخريج إمام دار الهجرة إيَّاه فى ((موطئه)). وأبو المثنى الجهنى ممن يذكر فى الوحدان، ليس له فى ((الكتب الستة)) إلا هذا الحديث. وهو ثقة لذكر الإمام مالك إيَّاه فى ((الموطأ))، إذ لا يذكر فيه إلا الثقات. قال ابن أبى حاتم ((الجرح والتعديل)) (9/ 444/2241): ((أبو المثنى الجهني مدينى. سمع سعد بن أبى وقاص، وأبا سعيد الخدري. روى عنه: أيوب بن حبيب، ومحمد بن أبى يحيى سمعت أبى يقول ذلك. وذكره أبى عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: أبو المثنى الذي يروى عنه أيوب بن حبيب ثقة)). وذكره كذلك ابن حبان فى ((الثقات)) (5/ 565) وصحَّح حديثه.
وفى النهى عن النفخ فى الشراب والإناء أحاديث عن: ابن عباس، وابن عمر، وأبى قتادة، وليس ذا موضع بسطها.
فإن قيل: قد أخرج الحديث بتمامه الطبرانى ((الكبير)) (6/ 125/5722) قال: حدثنا عبدان بن أحمد ثنا أبو مصعب ثنا عبد المهيمن عن أبيه عن جده ـ يعنى سهل بن سعد ـ: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أَنْ يُنْفَخَ فِي الشَّرَابِ، وَأَنْ يُشْرَبُ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ.
¥