قلنا: هذا إسناد ليس بالقائم، والحديث منكر بهذا الإسناد. وإن كان كلُّ رجاله موثقين: عبدان المروزى فما فوقه، إلا أن عبد المهيمن بن العباس بن سهل بن سعد الساعدى واهٍ بمرَّة، لا أعلم أحداً رضيه أو حمده، له نسخة عن أبيه عن جده فيها مناكير، قاله أبو زكريا الساجى. وقال البخارى وأبو حاتم الرازى: منكر الحديث. وقال الحافظ ابن الجوزى ((الضعفاء والمتروكين)) (2/ 154/2193): ((عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي منكر الحديث. قال علي بن الحسين بن الجنيد: ضعيف الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: لما فحش الوهم في روايته بطل الاحتجاج به. وقال الدارقطني: ليس بالقوي)).
قلت: عبارة ابن حبان فى ((المجروحين)) (2/ 148): ((ينفرد عن أبيه بأشياء مناكير لا يتابع عليها من كثرة وهمه، فلما فحش ذلك في روايته بطل الاحتجاج به)).
وأما الحديث الثالث من أحاديث قرَّة بن عبد الرحمن المعافرى:
قال أبو بكر بن خزيمة (1595): أخبرنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ثنا ابن وهب عن يحيى بن حميد عن قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها، قبل أن يقيم الإمام صلبه)).
وأخرجه كذلك العقيلى ((الضعفاء الكبير)) (4/ 398)، وابن عدى ((الكامل)) (7/ 228)، والدارقطنى (1/ 346/1)، والبيهقى ((الكبرى)) (2/ 89) من طرق عن ابن وهب عن يحيى بن حميد عن قرَّة به مثله.
قلت: وهذا الحديث مستفيض مشهور من حديث الزهرى بدون هذه الزيادة ((قبل أن يقيم الامام صلبه))، والحمل فيه على يحيى بن حميد شيخ ابن وهب، فإنه غير معروف بحمل العلم، وليس له من المسندات غير هذا الحديث، ولم يتابع عليه.
وذكره ابن حبان فى ((الثقات)) (9/ 251). وقال أبو عبد الرحمن بن يونس المصرى كما فى ((لسان الميزان)) (6/ 250): ((يحيى بن حميد بن أبي سفيان المعافري. أسند حديثاً واحداً، وله مقطعات)).
وقال أبو أحمد بن عدى: ((وهذه الزيادة: ((قبل أن يقيم الامام صلبه)) يقولها يحيى بن حميد، وهو مصري، ولا أعرف له إلا هذا الحديث)) اهـ.
وبيَّن ذلك أبو جعفر العقيلى غاية البيان، فقال: ((رواه معمر ومالك ويونس وعقيل وابن جريج وابن عيينة والأوزاعي وشعيب عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))، ولم يذكر أحد منهم هذا اللفظ ((قبل أن يقيم الإمام صلبه))، ولعل هذا من كلام الزهري، فأدخله يحيى بن حميد في الحديث، ولم يبينه)).
قلت: وهذا من أوضح وأبين ما عُلل به هذا الحديث، وسبيل إيضاحه أن نقول:
أخرج يحيى بن يحيى ((موطأ مالك)) (15): عَنْ مَالِك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ)).
وأخرجه كذلك البخارى (580)، ومسلم (607)، وأبو داود (1121)، والنسائى ((الكبرى)) (1/ 481/1537) و ((المجتبى)) (1/ 274)، وأبو عوانة ((المسند)) (1530،1529)، والطحاوى ((السنن المأثورة عن الشافعى)) (110)، وابن حبان (1483)، وأبو نعيم ((المسند المستخرج)) (2/ 203/1349)، والبيهقى ((الكبرى)) (1/ 386) من طرق عن مالك عن الزهرى أخبرنى أبو سلمة عن أبى هريرة به.
وتابع مالكاً عن الزهرى جماعة كثيرون: عبيد الله بن عمر، وابن عيينة، ومعمر، والأوزاعى، وابن جريج، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبى حمزة، وعقيل بن خالد، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وإبراهيم بن أبى عبلة، وثابت بن ثوبان، ومعاوية بن يحيى الصدفى، وكلهم يقول ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ)). وسبيل تخريج أحاديثهم يطول.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[13 - 07 - 04, 10:42 ص]ـ
نظرات فى تصحيح الأحاديث وتضعيفها
من خلال دراسة أحاديث بعض من تُكلم فيهم
¥