الحمد لله بالعشى والإشراق، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من وقع على محبته الإتفاق، وطلعت شموس أنواره في غاية الإشراق، وتفرد فى ميدان الكمال بحسن الإستباق، الناصح الأمين الذي اهتدى الكون كله بعلمه وعمله، والقدوة المكين الذي اقتدي الفائزون بحاله وقوله، ناشر ألوية العلوم والمعارف، ومسدي الفضل للأسلاف والخوالف، الداعي على بصيرة إلى دار السلام، والسراج المنير والبشير النذير، علم الأئمة الأعلام. وبعد ..
حُيي بن عبد الله بن شريح المعافري أبو عبد الله المصرى
ـــــــــــ ... ــــــــــ ... ــــــــــــ
قال أبو داود (3107): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ ثنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ، يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا، أَوْ يَمْشِي لَكَ إِلَى جَنَازَةٍ)). قَالَ أَبو داود: وَقَالَ ابْنُ السَّرْحِ ((إِلَى صَلاةٍ)).
وأخرجه كذلك ابن أبى الدنيا ((كتاب المرض والكفارات)) (174)، والعقيلى ((الضعفاء)) (1/ 319)، وابن حبان (2974)، والحاكم (1/ 734،495) من طرق عن ابن وهبٍ عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو بمثله.
وأخرجه أحمد (2/ 172) عن ابن لهيعة، وعبد بن حميد (344) عن رشدين بن سعد، كلاهما عن حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ به نحوه.
وقال أبو جعفر العقيلى: ((حيي بن عبد الله المعافري المصري. حدثنا عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول: حيي ودراج وزبان هؤلاء الثلاثة أحاديثهم مناكير. ومن حديثه ... فذكر الحديث)).
قلت: والحديث بإسناد ابن وهبٍ حديثٌ مصرىٌّ رجاله ثقات كلهم خلا حُيَيَّ بْنَ عَبْدِ اللهِ المعافرى، وقد وثق. قال عثمان بن سعيد قال يحيى بن معين: ليس به بأس. وذكره ابن حبان فى ((الثقات)) (6/ 235/7515)، وقال فى ((مشاهير علماء الأمصار)) (ص288): حيي بن عبد الله المعافري من خيار أهل مصر ومتقنيهم، وكان شيخا جليلا فاضلاً. وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة.
وقد سبرت روايات عبد الله بن وهبٍ عنه، فلم أر فيها حديثاً منكراً، وإنما تقع النكارة فى حديثه من بعض الرواة عنه: كابن لهيعة، ورشدين بن سعد، سيما إذا تفردا عنه، ولم يتابعا، وأما روايات ابن وهب عنه فعامتها مستقيمة ليس فيها ما ينكر، وقد صحَّح أبو حاتم بن حبان منها سبعة أحاديث، وأودعها ((صحيحه)).
وأما من لم يعتبر بروايته، فلقول الإمام أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير. وقول البخارى: فيه نظر. وقول النسائى: ليس بالقوى.
ولا يغيبنَّ عنك ما سبق أن ذكرناه من تأويل قول الإمام أحمد عن راوٍ: أحاديثه مناكير، أنه يقول مثل هذا ((عن جماعة من الثقات أمثال: محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، والمغيرة بن زياد البجلى، ونحوهم ممن وثقوا، ولم يضعف الأئمة من أحاديثهم إلا ما تيقنوا نكارته، فقد يروى الثقة المناكير)).
فكلام الإمام أحمد محمول على إنكار تفرده بأحاديثٍ عن أهل مصر لا يُتابع عليها. وليس فى هذا ما يوجب ضعف حديثه ولا رده، فكم من الأحاديث التى تفرد بها ثقات المصريين ولم يُتابعوا عليها، وقد صححها الأئمة، وتلقوها بالقبول.
فمن أفراد وغرائب صحاح أحاديث المصريين:
[1] قال الإمام أحمد (2/ 167) قال: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ثنا لَيْثُ بنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ شُفَيٍّ الأَصْبَحِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ كِتَابَانِ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ؟، قُلْنَا: لا إِلا أَنْ تُخْبِرَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى: هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِأَسْمَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ
¥