تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فطائفة قالت: الصحيح أنه تزوجها بعد الفتح – لهذا الحديث، ولغيره. قلت: وهذا يتعارض مع ما أجمع عليه أهل السير والمغازي وجمهور أهل الحديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بالحبشة.

ومنهم من قال: بل سألة أن يجدد له العقد تطيبا لقلبه، وليبقى له وجه بين المسلمين، قلت: وهذا مما لا يظن بعقل أبي سفيان ان يطلبه، وقد قال عندما سمع زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها- وهي بالحبشة- هو الفحل لا يقرع أنفه (1).

(1) انظر: الفصول في اختصار سيرة الرسول (222) وزاد المعاد (110:1) وجلاء الإفهام (138) والزرقاني على المواهب (244:3).

وقالت طائفة – منهم البيهقي والمنذري – يحتمل ان تكون مسألة أبي سفيان النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أن حبيبة وقعت في بعض خرجاته الى المدينة، وهو كافر، حيث سمع نعي زوج بنته بالحبشة قلت: وفي هذا تعسف وتكلف وفي لفظ الحديث ما يرده.

وقالت طائفة اخرى: للحديث محمل صحيح، وهو أن المعنى أرضي الان ان تكون، زوجتك فاني لم أكن قبل ذلك راضيا به. قلت: وهذا تأويل بعيد وفي لفظ الحديث ما يرده أيضا.

وقالت طائفة اخرى، لما سمع أبو سفيان انه صلى الله عليه وسلم طلق نساءه لما آلى منهن، قدم المدينة، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ما قال، ظنا منه انه طلقها.

وقال المحب الطبري رحمه الله مفاده: يحتمل أن يكون أبو سفيان قال ذلك كله قبل اسلامه بمدة تتقدم على تاريخ النكاح، كالمشرط في اسلامه، .. قلت: هذا بعيد جدا، ولفط الحديث يرد عليه " كان المسلمون لا ينظرون الى أبي سفيان .. ".

وقال الزرقاني رحمه الله: وقد ظهر لي الجواب بأن المعنى يديم التزويج، ولا يطلق كما فعل بغيرها، لا ينافيه قوله "عندي" لان الاضافة لاذنى ملابسة ولا بأس به، فانه قريب.

وقالت طائفة - وهو الذي جزم به ابن كثير وابن القيم وغيرهما: قولهم: ان الحديث صحيح، لكن الغلط وقع من احد الرواة في تسمية ام حبيبة، وانما سأل ان يزوجه أختها عزة، وخفاء التحريم عليه غير مستبعد، فقد خفي على ابنته – أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها – وهي أفقه منه وأعلم (1).

(1) انظر: عيون الأثر (306:2 - 307) والبداية والنهاية (144:4 - 145) والفصول في اختصار سيرة الرسول (222 - 223) وزاد المعاد (110:1 - 112) وجلاء الإفهام 137 - 145) والإصابة (306:4) والزرقاني على المواهب (3: 244 - 245)

قلت:والذي أميل اليه – وأراه الصواب ان شاء الله تعالى – القول الأخير لكن مع اختلاف فيما قالوه من تخطئة الراوي. وسأبين ذلك ان شاء الله تعالى من النصوص.

ان أبا سفيان وأم حبيبة رضي الله عنهما رغبا أن يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم "عزة" بنت أبي سفيان. عرض كل من أبي سفيان وأم حبيبة ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ثبت حديث أم حبيبة في الصحيحين وغيرهما. ولفظه كآلاتي عن ام حبيبة بنت أبي سفيان قالت: يا رسول الله انكح اختي بنت أبي سفيان –وعند مسلم: عزة. فقال: أو تحبين ذلك؟ فقلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ان ذلك لا يحل لي، قلت: فانا نحدث انك تريد تنكح بنت أبي سلمة – وفي رواية عندهما: درة بنت أبي سلمة – قال: بنت أم سلمة؟ قلت: نعم، فقال: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، انها لابنة اخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا اخواتكن.

وفي لفظ / عن أم حبيبة أيضا قلت يا رسول الله هل لك في بنت أبي سفيان، قال: فافعل ماذا؟ قلت: تنكح، قال أتحبين؟ … الحديث. رواه البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي وابن ماجه وأحمد وغيرهم – واللفظ للبخاري (1).

لذا قال ابن كثير رحمه الله: والأحسن في هذا انه اراد ان يزوجه ابنته الاخرى "عزة" لما رأى في ذلك من الشرف له، واستعان بأختها أم حبيبة، كما في الصحيحين – وانما وهم الراوي في تسميته أم حبيبة (2) اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير