تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففهم الصحابه رضي الله عنهم اباحة الزواج للنبي صلى الله عليه وسلم – كما هو منطوق قوله تعالى (يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك، وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك .. ) الاية وقوله (ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء .. سورة الاحزاب 50 - 51).

لذا عرض من عرض من الصحابه الكرام رضي الله عنهم على النبي صلى الله عليه وسلم ان يتزوج، بل منهم من عرض عليه أن يتزوج من محارمه، ممن لا تحل له صلى الله عليه وسلم. ظنا منهم أن ذلك جائز، وأن الرضاعة لا تضر، حتى نبههم النبي صلى الله عليه وسلم بان ذلك لا يحل و لا يجوز فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: "الا تتزوج ابنة حمزة؟ قال: انها ابنة اخي من الرضاعة " متفق عليه واللفظ للبخاري (1).

وعن علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله مالك تنوق في قريش وتدعنا؟ فقال: وعندكم شىء؟ فقلت: نعم، بنت حمزة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انها لا تحل لي، انها ابنة اخي من الرضاعة " رواه مسلم (2).

وروى مسلم (3) بنحوه من حديث ام سلمة رضي الله عنها أيضا.

وقوله "تنوق" أي تختار. وتبالغ في الاختيار.

فكون على وام سلمة وام حبيبة وغيرهما- من عرض على النبي صلى الله عليه وسلم الزواج ممن لا يحل له – لا يعقل ان يجهلوا تحريم الجمع بين الاختين. أو البنت وأمها. او نكاح بنت الأخ من الرضاع – وهم أهل بيته واقاربه المقربون- وانما يحمل هذا منهم على جواز الخصوصية له صلى الله عليه وسلم حتى نبهم على التحريم، والله أعلم.

(1) صحيح البخاري: كتاب النكاح: باب " وأمهاتكم اللاتي ارضعنكم " وفي كتاب الشهادات أيضا. وصحيح مسلم: كتاب الرضاع. باب يحرم ابنة الأخ من الرضاع رقم 12.

(2) (3،2) صحيح مسلم: كتاب الرضاع: باب يحرم ابنة الأخ من الرضاع رقم 11، 14.

وعلى هذا يصح حديث ابن عباس رضي الله عنهما. حديث الباب - على ان ابا سفيان اراد ان تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنته – اخت ام حبيبة – وان هذا هو المراد لا غير، وبه يقع الجزم. زيادة في شرفه. واستعان بأختها أم حبيبة.

واما قول ابن القيم وابن كثير من أن الراوي وهم في تسميته أم حبيبة وأن الصواب "عزة فقد ورد ما يزيل هذا الأشكال أيضا، ويرفع هذا الوهم، وأن الحديث صحيح وليس الراوي قد وهم فيه، وذلك ما ورد في بعض المراجع من أن كنيته "عزة" أم حبيبة أيضا (1). فان صح هذا – ولا مانع من وقوعه – دل على ان ابا سفيان وام حبيبة ام المؤمنين رغبا ان يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عزة التي كنيتها ام حبيبة أيضا. وبهذا يزول كل اشكال في لفظ الحديث الأول. والله أعلم.

اشكال آخر: لقد وقع في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم "نعم" أي اعطاء صلى الله عليه وسلم ما سأل، وهذا يوحي بالموافقة على الزواج من اختها – كما قررت- أو منها – فكيف المخلص.

قلت: يحمل قوله صلى الله عليه وسلم "نعم" على بعض ما سأل، لا على جميع السؤال وذلك لاننا لا نعلم – من طريق صحيح – ان النبي صلى الله عليه وسلم ولي ابا سفيان امرأة جيش فقاتل الكفار – قائدا- نعم قد ورد ذلك من طريق منكرة كما اشار اليها بعض الحفاظ – لكنه لا تثبت.

لكن يمكن ان يقال بان الله تعالى لم يمكن النبي صلى الله عليه وسلم من توليه أبي سفيان قيادة الجيش، لانه توفي صلى الله عليه وسلم بعد فترة قصيرة، ومن المحتمل – ان طال به الزمان ان يوليه قيادة جيش ويقاتل على رأسه، نعم ان الذي تحقق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من المطالب الثلاثة التي طلبها أبو سفيان انما هو جعل معاوية رضي الله عنه كتاب للوحي فقط (2).

(1) انظر زاد المعاد (112:1) وشرح الزرقاني على المواهب اللدنية (244:3)

(2) انظر المصباح المضيء في كتاب النبي الامي ورسله الى ملوك الارض .. (211:1).

لكن هنا اشكال آخر. لم لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لابي سفيان "انها لا تحل لي" كما أجاب أم حبيبة رضي الله عنها عندما سألته السؤال نفسه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير