تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بحث قيّم عن صحيفة عَمْرو بن شُعَيْب عن أبيه عن جده

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[01 - 04 - 02, 03:38 ص]ـ

هذا بحثٌ قيّمٌ كتبته منذ زمن بعيد وقد تفضل الشيخ بسام بن عطية بنشره في موقعه:

http://www.islamicnoor.com/amr_bin_shuaib.asp

وقد بذلت جهداً في استيعاب أهم أقوال العلماء المتقدمين فيها مع توجيه أقوالهم وتوفيقها.

عَمْرو بن شُعَيْب و الصَّحيفة الصّادقة

كان رسول الله r قد سمح لعبد الله بن عَمْروِ t (9 ق. هـ– 63هـ) بكتابة الحديث، لأنه كان كاتباً مُتقناً. فكتب عنه الكثير، و اشتهرت صحيفة إبن عَمْرو t بالصحيفة الصادقة كما أراد كاتبها أن يسمّيها، لأنه كتبها عن رسول الله r، فهي أصدق ما يروي عنه.

و قد رآها مُجاهد بن جبر (21–104هـ) عند عبد الله بن عَمْرو t. فذهب ليتناولها، فقال له: «مه يا غلام بني مخزوم». فقال مجاهد: «ما كنت تمنعني شيئاً!». فقال: «هذه الصادقة فيها ما سمعت من رسول الله r ليس بيني و بينه فيها أحد» [1].

و كانت هذه الصحيفة عزيزةً جداً على إبن عمرو حتى قال: «ما يُرغٍبني في الحياة إلا خصلتان: الصادقة و الوهطة. فأمّا الصادقة، فصحيفة كتبتها عن رسول الله r. و أما الوهطة، فأرضٌ تصدّق بها عمرو بن العاص، كان يقوم عليه». و كان عبد الله t يحفظ الصحيفة الصادقة في صندوقٍ له حلق [2]، خِشيةً عليها من الضياع. و قد حفظ هذه الصحيفة أهله من بعده، و يُرجّحُ أن حفيده عمرو بن شُعَيْب بن محمد بن عمرو بن العاص، كان يُحدّث منها.

و قد أشار إبن الأثير إلى أن عدد أحاديث الصحيفة الصادقة نحو الألف حديث [3]، يُريد بذلك كل ما حدّث به عبد الله بن عمرو t. و في ذلك نظر لأن ما صحّ عنه أقلّ من ذلك. و تمتاز هذه الصحيفة أنها من أوّل ما تمّ تدوينه من الحديث النبوي، و أنها مروية باللفظ ليس بالمعنى. كما أن كل أحاديثها قد سمعها عبد الله من رسول الله r مباشرةً دون إرسال.

و الخلاف هنا هو فيما نقله من تلك الصحيفة الصادقة، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده t عن رسول الله r. و إليك موجزه [4]:

روى أبو داود عن أحمد أن أهل الحديث يتردّدون في باحتجاجهم بعمر بن شعيب. و سبب ترددهم هذا هو أنهم لا يعتبرون إلا الحديث الذي يؤخذ مشافهة. أما الحديث الذي ينقل كتابة فلم يكن يعجبهم رغم أنه عند المتأخرين صار أقوى من المشافهة. و قد صرّح هؤلاء بذلك، فمن هذه الأقوال:

قول يحيى «إذا حدث عن أبيه عن جده فهو كتاب، و يقول أبي عن جدي، فمن هنا جاء ضعفه، أو نحو هذا القول. فإذا حدث عن ابن المُسيّّب أو سليمان بن يسار أو عُروة، فهو ثقة عنهم أو قريب من هذا».

و قول علي بن المديني عنه: «ما روى عنه أيوب وابن جريج فذاك كله صحيح. وما روى عمرو عن أبيه عن جده فإنما هو كتاب وجده، فهو ضعيف!!». قال الذهبي عن هذا الكلام العجيب: «هذا الكلام قاعِدٌ قائم!». و أعجب من هذا قول يحيى بن معين: «هو ثقة بُلِيَ بكتاب أبيه عن جده!» [5].

قال أبو حاتم بن حبان في كتاب الضعفاء: «إذا روى عن طاووس وابن المسيّب وغيرهما من أبيه فهو ثقة يجوز الاحتجاج به. وإذا روى عن أبيه عن جدهففيه مناكير كثيرة فلا يجوز عندي الاحتجاج». قلت سنرى في قول أبي زُرعة أن هذه المناكير ليست من عمرو بن شعيب. و قال: «و إذا روى عن أبيه عن جده، فإن شُعيباً لم يلق عبد الله، فيكون الخبر منقطعاً. و إذا أراد به جده الأدنى فهو محمد و لا البغوي له فيكون مُرسلاً».

فانتقادات المحدثين الأوائل لعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده تتلخص في ثلاث نقط:

1 –أنه قصد بكلمة جده محمداً التابعي و ليس عبد الله الصحابي، فيكون حديثه مرسلاً.

لكن الذهبي أثبت أن المقصود من كلمة جده أي جدّ أبيه شعيب، و هو عبد الله بن عمر بن العاص الصحابي الشهير الذي فاق أبا هريرة حِفظاً أو كاد. و حديث شعيب كلّه عن جده، لأنه ربِيَيتيماً في كنف جده، فأخذ حديثه عنه شفاهاً و كتابةً، و هذا التحديث ثابت (أي عن جده) عنه، و أثبته عامة علماء الرجال كالبخاري و أبي داود من المتقدمين، و إبن حجر من المتأخرين [6]. كما سمع عدة صحابة آخرين كإبن عمر و إبن عباس ومعاوية –رضي الله عنهم أجمعين–.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير