تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - قال الحافظ ابن حجر بترجمة ميمون البصري: {زعم عبد الغني بن سعيد في إيضاح الإشكال أن أبا بلج روى عنه عن ابن عباس حديثا في فضل علي عن عمرو بن ميمون غلط فيه}، وما قاله الحافظ عبد الغني هو مجرد إدعاء وأبو بلج معروف بالرواية عن عمرو بن ميمون.

3 - أما كلام العقيلي: {ولا يصح عن أبي عوانة} فعجيب جداً، بل قد صح عن أبي عوانة بلا شك وريب كما صح عن أبي بلج والكلام فيه.

والبحث كما تعلمون يدور على قصة نوم علي رضي الله عنه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم وأنا لا أفهم وجه نكارة هذه القصة.

وروى عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره وعنه الطبري في تفسيره واللفظ له: {قَالَ – أي عبد الرزاق -: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى الْغَارِ، أَمَرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَنَامَ فِي مَضْجَعِهِ، فَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَهُ. فَإِذَا رَأَوْهُ نَائِمًا حَسِبُوا أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكُوهُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُمْ بِعَلِيٍّ، فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحُبُكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ: فَرَكِبُوا الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ فِي طَلَبِهِ "} (راجع تفسير الطبري فيرويه عن شيخه الحافظ الحسن بن يحيى بن الجعد المتوفى 263 هـ عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة).

وهذا مرسل صحيح. أبو عبد الرزاق همام بن نافع ثقة، وثقه يحيى بن معين (الجرح والتعديل ج 9 ص 107) وأورده ابن حبان في الثقات (ج 7 ص 584) وقال: {وكان قد حج ستين حجة}، وقال في مشاهير علماء الأمصار: {من خيار أهل اليمن وعبادهم حج ستين حجة وكان طاهر العبادة}، وروى عنه ابن المبارك وعبد الرزاق كما في " الجرح والتعديل ". وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: {سمعت عباس بن محمد الدوري يقول ليحيى – بن معين – وأنا أسمع: همام بن نافع أبو عبد الرزاق سمع عن عكرمة؟ قال نعم سمع أبوه من عكرمة وأرجو أن يكون أبوه ليس به بأس. قلت أنا ليحيى: أليس قد حدث عنه ابن المبارك؟ قال: نعم}. وصحح له الحاكم في " المستدرك " (ج 4 ص 479) ومقتضاه توثيق همام عنده ولم أر أحداً جرحه.

وهذا يشد ما رواه أبو بلج في قصة نوم علي رضي الله عنه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم وأنا لا أشك أنّ عكرمة رحمه الله أخذه عن ابن عباس رضي الله عنهما وعلى كل حال هو شاهد مرسل قوي. وهكذا ما رواه عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس يقوى هذه القصة ولا يضرها ولذا قال الطحاوي عقب حديث عثمان الجرزي: {وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا حَدِيثُ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نَوْمِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَابِسًا إِيَّاهُ لِبَاسَهُ بُرْدَةً، فَذَلِكَ الْحَدِيثُ شَدَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ}.

وروى البيهقي في دلائل النبوة بسند صحيح عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: {مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْحَجِّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمَ، وَصَفَرَ، ثُمَّ إِنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَمَكْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يَحْبِسُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يُخْرِجُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يُوثِقُوهُ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكْرِهِمْ: " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ قِبَلَ الْغَارِ بِثَوْرٍ، وَعَمَدَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَقَدَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَارِي عَنْهُ الْعُيُونَ}. وقال الإمام الذهبي: {قال ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قال: ... فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر تحت الليل قبل الغار بثور وعمد علي فرقد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم يواري عنه العيون} (تاريخ الإسلام ج 1 ص 314) وأضاف الهيثمي في مجمع الزوائد (ج 6 ص 51): {وبات المشركون من قريش يختلفون ويأتمرون أن نجثم على صاحب الفراش فنوثقه فإن ذلك حديثهم حتى أصبحوا فإذا علي يقول عن الفراش فسألوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أنه لا علم له به ... رواه الطبراني مرسلاً وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وحديثه حسن}، قلت: هذا مرسل وعروة تابعي ثقة فقيه مشهور وابن لهيعة يستشهد به كما بينه شيخ الإسلام وقبله الإمام أحمد ولم أجد الخبر عند الطبراني.

فحسب علمي القاصر أنّ خبر نوم علي بن أبي طالب في فراش النبي صلى الله عليه وسلم – من حيث السند – صحيح ولا ينزل عن مرتبة الحسن أبداً والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير