أنا لا أنكر أنّ الحفاظ بل الأئمة كمالك والزهري يخطئون في الحديث، ولكن ما لم يثبت أن الراوي وهم فهو حجة كما هو واضح. قال الشيخ الألباني عقب حديث ذكره: {قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم غير الباهلي هذا، وهو مختلف فيه، وقال الحافظ في التقريب: " صدوق له أوهام ". قلت: فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى، إذ لا يخلو أحد من أوهام، فما لم يثبت أنه وهم فهو حجة} (الصحيحة رقم 2841).
أما أنتم فجعلتم نكارة المتن كالشاهد أو الدليل لخطأ الراوي في هذا الإسناد. وأنا سلمتُ قبل ذلك بما قلتم، فقلتُ: {نعم، بعض العلماء تكلموا في الحديث لأجل نكارة متنه عندهم}، فكل ما قلتم هنا، قد قاله الشيخ المعلمي رحمه الله: {إذا استنكر الأئمة المحققون المتن وكان ظاهر السند الصحة فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً حيث وقعت أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر، فمن ذلك إعلاله بأن راويه لم يصرح بالسماع هذا، مع أن الراوي غير مدلس ... } (مقدمة التحقيق للفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني).
فقد جئتم بعلة ليست بقادحة أصلاً كـ 1) عدم معرفتكم بسماع عمرو بن ميمون عن ابن عباس وأن الإمام أحمد قال عن هذه الطريق: " ما أدري ما أعلمه " وقد جاء الجواب عن هذا، 2) التمسك بما حُكي عن الإمام أحمد " روى أبو بلج حديثا منكراً " وليس له سند متصل صحيح (راجع كتاب الجرح والتعديل للشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم باب " ثبوت النص "). ومع التسليم بثبوت هذا النقل عن الإمام أحمد فليس معناه أن جميع ألفاظ الحديث منكرة عنده، كيف وبعض ألفاظه معروفة غير منكرة كقوله صلى الله عليه وسلم: {أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا أنك لست بنبي} فله أسانيد كثيرة صحيحة بعضها في الصحيحين ورواه الإمام أحمد في ثلاثة عشر موضعاً من مسنده، وهكذا قوله {من كنت مولاه فإن مولاه علي} متواتر كما قال الإمام الذهبي ورواه أحمد في أربعة عشر موضعاً من مسنده، وقوله {لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله ... } معروف جداً له أسانيد صحيحة بعضها في الصحيحين، وقوله {وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} معروف جداً غير منكر رواه مسلم في صحيحه، وقوله {وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم} معروف صحيح بعض أسانيده في الصحيحين. ومن المستبعد جداً أن ينكر الإمام أحمد جميع هذه الألفاظ من الحديث، فلا بدّ أن نقول – بعد التسليم بثبوت النقل المذكور عن الإمام أحمد –: أن الإمام إنما أنكر بعض الزيادات في حديث أبي بلج، وهذا أمر معروف عند أهل العلم، فكثيراً نسمع قولهم: هذا حديث صحيح دون هذه الزيادة ... فهي منكرة لتفرد الراوي بها أو لمخالفتها للأصول الثابتة ...
فمن يريد إعلال الحديث إعتماداً على المنهج الذي ذكره الشيخ المعلمي فلا بدّ أن يثبت لنا نكارة قصة نوم علي في فراش النبي صلى الله عليه وسلم وبيان مخالفته للأصول والثابت المعروف من المنقول أو ركاكة اللفظ والمعنى. فقد عرفتم مما مرّ أن جمع من العلماء صححوا وحسنوا هذا الحديث والإسناد بعينه وبجميع ألفاظه، إذن إعلال الحديث بنكارة المتن هو مسألة إجتهادية، فيكون المتن عند بعض العلماء منكراً فيتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً كما فعل الحافظ عبد الغني المصري وغيره، ولكن يكون عند بعضهم غير منكراً فلا يتطلبون له علة بل يصححونه كما صحح أو حسن هذا الإسناد بعينه كل من الطحاوي والحاكم والحافظ ابن عبد البر والعراقي وابن حجر العسقلاني والشيخ أحمد محمد شاكر والألباني وغيرهم رحمهم الله أجمعين ولم يتطلبوا له علة ولم يحكموا بنكارة متنه، كما رواه جمع من الأئمة ساكتاً عنه كالإمام النسائي وابن أبي حاتم في تفسيره والآجري في الشريعة وغيرهم. ثم أنّ أبا بلج لم ينفرد بهذا الخبر (قصة نوم علي)، فقد ذكرتُ بعض شواهده قبل ذلك، فهناك مرسل صحيح عن المفسر الكبير عكرمة مولى ابن عباس وما رواه ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير وهكذا ما رواه عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس والمتن – قصة نوم علي - ليس منكراً فالخبر صحيح أو حسن على أقل الأحوال، والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 01 - 08, 08:28 ص]ـ
وفق الله الجميع
أما حول مايتعلق بالمرويات الواردة في السيرة فالكلام فيها معروف، ولكن النقاش هنا حديثي.
فالأثر من ناحية الحديث لايثبت كما سبق.
والعجب ممن لازال يشكك في ثبوت كلام الإمام أحمد في إنكاره لحديث أبي بلج! فالله المستعان.
ـ[عبد الرحمن بن شيخنا]ــــــــ[14 - 01 - 08, 01:37 م]ـ
استاذ نويرجمن وفقه الله
غريب جداجداتعليقك الاخير
كيف تقول انهم انما انكروالفظه ثم بحثوا عن علة قادحة ولم يجدوها وهو مليئ بالعلل القادحه
الا يكفيك قول امام فن العلل في ابي بلج فيه نظر وهي من أقوى عبارات التجريح عنده
الايكفيك قول بن حبان انه لا يحتج بما انفردبه والشيخ مقبل يقول الراجح ضعفه اذ الجرح فيه مفسر واستغراب الترمذي لحديثه وانكار الامام أحمدله
الايكفيك أن فيه الفاظاهي كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تعلم
الايكفيك ان فيه مخا لفة لما في الصحيحين من انه انماخرج صلى الله عليه وسلم من بيت ابى بكر الصديق رضي الله عنه
والله اذا لم يكن هذا منكر فلا يو جد حديث منكر
ولك مني خالص الدعاء
¥