ـ[عمرو فهمي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 05:38 م]ـ
قصة أبي طالب في الهجرة ووصيتة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قال الشيخ علي حشيش [العدد (25) 1 - 3 - 2004 من مجلة (التوحيد)]:
[قال أبو طالب للنبي صلى الله عليه وسلم: ما يأتمر به قومك؟ قال: يريدون أن يسجنونني ويقتلوني ويخرجوني! فقال: من أخبرك بهذا؟ قال: ربي! قال: نعم الرب ربك، فاستوص به خيرًا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أستوصي به! بل هو يستوصي بي خيرًا"! فنزلت: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك"، الآية. {الأنفال: 30}.
قلت: هذا لفظ رواية شيخ المفسرين ابن جرير الطبري واستيفاءً لمتن هذه القصة نبين للقارئ متن القصة بلفظ رواية ابن أبي حاتم حيث جاء فيه: «أن أبا طالب، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هل تدري ما ائتمر فيك قومك؟ قال:» نعم، ائتمروا أن يسجنوني أو يقتلوني أو يخرجوني «، قال: من أخبرك هذا؟ قال:» ربي «، قال: نعم الرب ربك فاستوص به خيرا، قال:» أنا أستوصي به أو هو يستوصي بي؟ «
ثانيًا: التخريج
القصة أخرجها شيخ المفسرين ابن جرير الطبري في "تفسيره" المسمى "جامع البيان في تأويل القرآن" (6 - 251 ط دار الغد) (ح15977) (ح15978)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5 - 1688) (ح8998).
فائدة:
حتى لا يتقول علينا متقول ويتوهم الصحة من إخراج شيخ المفسرين ابن جرير للقصة وابن أبي حاتم وسكوتهما عنها، ولكن هيهات، فالقاعدة: "من أسند فقد أحال"، وبالتحقيق يستبين لك الحال.
ثالثًا: التحقيق
القصة واهية، والحديث منكر، ومعلل متنًا وسندًا، يظهر ذلك بجمع طرق الحديث الذي جاءت به هذه القصة.
1 - قال ابن جرير الطبري (ح15977): حدثني محمد بن إسماعيل البصري المعروف بالوساوسي قال: حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن المطلب بن أبي وداعة أن أبا طالب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يأتمر به قومك .. القصة".
2 - وقال ابن جرير (ح15978): حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج قال عطاء سمعت عبيد بن عمير يقول: لما ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يثبتوه أو يخرجوه قال له أبو طالب هل تدري ما ائتمروا بك؟ .. القصة.
تحقيق الطريقين
1 - قلت: الطريق الأول سنده تالف فيه عبدالمجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد قال فيه ابن حبان في "المجروحين" (2 - 160): "منكر الحديث جدّا، يقلب الأخبار ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك".
وعلة أخرى: تدليس ابن جريج حيث أورده الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين"، وهذه الطبقة قال فيها الحافظ: "الثالثة: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقًا".
ولذلك قال الحافظ ابن حجر: "ابن جريج وصفه النسائي وغيره بالتدليس، قال الدارقطني: شر التدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح". اه.
2 - قلت: فإن قيل في الطريق الثاني متابعة لعبد المجيد في روايته عن ابن جريج حيث تابعه حجاج فهي متابعة أوهن من بيت العنكبوت، للعلل الآتية:
أ- أورد الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (6 - 359) عن جعفر بن عبد الواحد عن يحيى بن سعيد، إذا قال ابن جريج: حدثني فهو سماع وإذا قال: أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح". اه.
قلت: وفي هذا الطريق (قال ابن جريج: قال عطاء) إذن فهو شبه الريح.
ب- والحديث من هذا الطريق مرسل عن عبيد بن عمير ولم يوجد الصحابي المطلب بن أبي وداعة.
ج- وهناك انقطاع في السند "حجاج، قال ابن جريج".
3 - وفي رواية ابن أبي حاتم متابعة أخرى لعبد المجيد في روايته عن ابن جريج حيث تابعه هشام بن يوسف فهي متابعة واهية وإن صرح بالتحديث لابن جريج حيث إن الحديث مرسل من هذا الطريق أيضًا: (عن عبيد بن عمير أن أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك ترجم ابن أبي حاتم للمطلب بن أبي وداعة في "الجرح والتعديل" (4 - 1 - 358) ترجمة (1641) قال: "المطلب بن أبي وداعة له صحبة". ولم يذكر لعبيد بن عمير رواية عنه.
قلت: كذلك الإمام المزِّي في "تهذيب الكمال" (18 - 152 - 6600) ترجم له ولم يذكر لعبيد بن عمير رواية عنه.
¥